كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 10)

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الأَحْمَقُ مَنْ أتبَعَ نَفْسَهُ هَواها وَتَمَنَّى عَلى اللهِ" (¬1).
وذلك لأن الله تعالى لا يعطي الأماني إلا لمن خالف الهوى، أو على وجه الابتلاء كما قال عز وجل: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40 - 41].
وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: من أفتى الناس في كل ما يستفتون فهو مجنون. رواه الدارمي، والبيهقي (¬2).
وقال ابن عباس - رضي الله عنه -: من أفتى الناس في كل ما يسألون فهو مجنون. رواه البيهقي (¬3).
وإنما كان هذا مجنوناً لأن إفتاءه في كل ما يسأل عنه دليل دعواه أنه يعلم كل شيء، وهذا ليس من صفات الخلق.
قال الله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255].
وقال تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76].
¬__________
(¬1) رواه الترمذي (2459) وحسنه، وابن ماجه (4265) لكن بلفظ: "العاجز" ولم أقف عليه بلفظ: "الأحمق" إلا في كتب اللغة كـ"غريب الحديث" لابن سلام (3/ 143)، و"تهذيب اللغة" للأزهري (14/ 128).
(¬2) رواه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى" (ص: 432)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير" (8924).
(¬3) رواه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى" (ص: 433).

الصفحة 53