كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 10)

العقل، وافر الفطنة، ثابت اللب أن يتشبه بالنُّوكى والبُلْهِ في الأفعال الخارجة عن استحسان العقل لأنه يكون كافراً لنعمة العقل والفطانة.

8 - ومن أقبح أنواع البله، والحمق والجنون، وأشدها ضرراً على أصحابها: الوسوسة، والانتهاء فيها إلى حد إنكار الأمور اليقينية، والحقائق.
قال ابن الجوزي في "الأذكياء": حدثني أزهر بن عبد الوهاب قال: جاء رجل إلى ابن عقيل فقال: إني أنغمس في النهر غمستين أو ثلاثاً، ولا أتيقن أنه قد عمني الماء، ولا أني تطهرت، فكيف أصنع؟
فقال له: لا تصلي.
فقيل له: كيف قلت هذا؟
قال: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثةٍ: عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَنْتَبِهَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَفِيقَ" (¬1)، ومن ينغمس في البحر مرتين أو ثلاثاً، ويظن أنه ما اغتسل، فهو مجنونٌ (¬2).

9 - ومن أحوال المجانين، والحمقى، والمعتوهين: الولع بالشيء، والعبث به، وكثرة الحركة والالتفات لغير فائدة ظاهرة، واستحسان ما يضر أو يؤول إلى الضرر.
ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَكْلُ الطِّينِ، وَقَلْمُ الأَظْفارِ بِالأَسْنانِ،
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (4401)، والترمذي (1423) وقال: حسن غريب، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(¬2) انظر: "الأذكياء" لابن الجوزي (ص: 83).

الصفحة 58