قال: وجوه الناس أتوني ولم تأتني.
قال: والله ما عرفتني قبل هذا ولا أنا رأيتك، فأي جفاء رأيت مني؟
فالتفت سليمان إلى الزهري، فقال: أصاب الشيخ وأخطأت أنا.
فقال: يا أبا حازم! ما لنا نكره الموت؟
فقال: عَمَرْتم الدنيا وخَرَبْتُم الآخرة، فتكرهون الخروج من العمران إلى الخراب.
قال: صدق.
قال: يا أبا حازم! ليت شعري ما لنا عند الله عز وجل غداً؟
قال: اعرض عملك على كتاب الله عز وجل.
قال: وأين أجده من كتاب الله عز وجل؟
قال: قال الله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الإنفطار: 13 - 14].
قال سليمان: فأين رحمة الله؟
قال: قريب من المحسنين.
قال سليمان: ليت شعري! كيف العرض على الله عز وجل غداً؟
قال أبو حازم: أما المحسن كالغائب يقدم على أهله، قال: وأما المسيء كالآبق يقدم على مولاه.
فبكى سليمان حتى علا نحيبُه واشتد بكاؤه، فقال: يا أبا حازم! فكيف لنا أن نصلح؟
قال: تدعون عنكم الصَّلَف، وتمسكون بالمروءة، وتقسمون