كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 10/ 1)

{إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 104].
وقال تعالى:
{إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140].
ومن هذا القبيل تذكيره الأمة بأن العدو إذا استولى على أوطانهم، كانت له العزة، وكانت عليهم الذلة، قال تعالى:
{إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} {الممتحنة: 2].

* الثبات في مواقع الدفاع:
قد يكون الرجل مقداماً لا يهاب الموت، ولكنه يبتلى بقلة الصبر على المكاره، فيسأم ما يلاقيه في حومات الحروب من مشاق، فيثني عنانه عن الدفاع، وينقلب على عقبه مبتغياً -فيما يزعم- راحة الحياة، أو جانحاً إلى صلح يضرب عليه ذلة وصغاراً، فمن متممات الشجاعة: الثبات في الدفاع إلى إدراك الغاية، قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} {الأنفال: 45].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنَّوْا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم، فاصبروا؛ فإن الجنة تحت ظلال السيوف".
فكم من ظفر يحرزه أحد الفريقين المتحاربين، وإنما أحرزوه بصبرهم في موقف الطعان لحظة أو لحظات، قال الشاعر الحكيم:
بكى صاحبي لما رأى الموت فوقنا ... مُطِلّاً كإطلال السحاب إذا اكفهرّ

الصفحة 19