كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 10/ 1)

قومٌ وَلَّوا أمرهم امرأة".
ونسبوا إلى ابن جرير الطبري: أنه يجيز أن تكون المرأة قاضية، ونسبوا إلى الإمام أبي حنيفة: أنه يجيز قضاءها فيما تشهد فيه.
أما ما نسب إلى ابن جرير، فلم يصح نقله عنه، وهو -مع عدم ثبوت نقله عنه- مخالف للإجماع.
وأما ما نسب إلى الإمام أبي حنيفة، فمحمول على أنه يصح أن تقضي في واقعة على وجه التحكيم، لا على أنها تقلَّد منصب القضاء.
قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام": "ونقل عن محمد ابن جرير الطبري إمام الدين: أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية، ولم يصح ذلك عنه، ولعله كما نقل عن أبي حنيفة: أنها تقضي فيما تشهد فيه، وليس بأن تكون قاضية على الإطلاق، ولا بأن يكتب لها منشور بأن فلانة مقدمة على الحكم، إلا في الدماء والنكاح، وإنما ذلك كسبيل التحكيم، أو الاستنابة في القضية الواحدة؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لن يفلح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأة"، وهذا هو الظن بأبي حنيفة، وابن جرير. وقد روي أن عمر بن الخطاب قدم امرأة على حسبة السوق، ولم يصح، فلا تلتفتوا إليه، فإنما هو من دسائس المبتدعة".
وأما العلم: فشرطُ القاضي في أصل الشريعة: أن يكون بالغاً رتبة الاجتهاد، ولما قلَّ في علماء الشريعة من يدرك هذه المرتبة لأسباب نتعرض لها في غير هذا المقام، جازت ولاية المتابع لمذهب إمام من أئمة الاجتهاد؛ كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وهذا الجواز من قبيل أحكام الضرورات؛ حتى لا تتعطل الأحكام، ومن المتابعين لأحد المذاهب

الصفحة 73