كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 10)

أيَّ صحابي كان ــ أن يقول: إن ذلك تحرٍّ بالغ. بل من يردّ السننَ كلّها سوى المتواتر، بل من يرد المتواتر أيضًا، فيقول: إن التحرّي البالغ يقضي أن لا يُنسب إلى شرع الله إلا ما نصّ عليه كلامه. بل من يردّ الدلالات الظنية من القرآن، ويردّ الإجماع، ولم يُبق إلا الدلالات اليقينية من القرآن (¬١)، وشيوخ الأستاذ من المتكلمين ينفون وجودها، كما يأتي في (الاعتقاديات) (¬٢) إن شاء الله تعالى. فأما القياس فهو بأن يسمّى إلغاؤه تحريًّا واحتياطًا في دين الله أولى من ذلك كلّه، فإنه بالنسبة إلى ذلك كما قيل:
ويذهبُ بينها المرئيُّ لغوًا ... كما ألغيتَ في الدية الحُوارا (¬٣)
والمقصود هنا أن منزلة أنس رضي الله عنه عندنا غير منزلته التي يجعله الأستاذ فيها، فلا غرو أن يزعم الأستاذ أنه ليس في كلامه فيه ما يُنتقد! وفي "فتح الباري" (¬٤) في باب المصرَّاة: "قال ابن السمعاني (¬٥) في "الاصطلام": التعرض إلى جانب الصحابة علامة على خذلان فاعله، بل هو بدعة وضلالة". ذكر ذلك في صدد ردّ كلام بعض الحنفية في رواية أبي هريرة
---------------
(¬١) كذا، والكلام مفهوم، وتقديره: يزعم أيضًا أنه تحرٍّ بالغ.
(¬٢) (٢/ ٣٣٦، ٥٠٣).
(¬٣) من قصيدة لذي الرمة في هجاء هشام بن قيس المرئي. انظر "ديوان ذي الرمة" (١٣٧٩)، و"الأمالي": (٢/ ١٤١).
(¬٤) (٤/ ٣٦٥).
(¬٥) هو أبو المظفر منصور بن عبد الجبار. كان أهل بيته حنفية، ونشأ على ذلك، ومهر في المذهب، ثم تشفَّع تديّنًا. وترجمته في "طبقات ابن السبكي" (ج ٤ ص ٢١). وقد أسرف الشافعية في التبجّح بذلك كما تراه هناك. [المؤلف].

الصفحة 23