كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 10)

ولأنه بالأخذ يدفع الضرر عن نفسه على وجه يلحق الضرر بالمشتري في إبطال ملكه عليه، وليس لأحد أن يدفع الضرر عن نفسه بالإضرار بغيره.
جاء في الهداية: "حق الشفعة معدول به عن سنن القياس لما فيه من تملك المال على الغير بلا رضاه" (¬١).
وقال ابن قدامة: "الشفعة تثبت على خلاف الأصل؛ إذ هي انتزاع ملك المشتري بغير رضا منه، وإجبار له على المعاوضة مع ما ذكره الأصم" (¬٢).
يشير ابن قدامة إلى ما نقله عن الأصم بأنه قال: "لا تثبت الشفعة؛ لأن في ذلك إضرارًا بأرباب الأملاك، فإن المشتري إذا علم أنه يؤخذ منه إذا ابتاعه لم يبتعه، ويتقاعد الشريك عن الشراء، فيستضر المالك" (¬٣).

القول الثاني:
اختار المتأخرون من الحنابلة (¬٤)، ورجحه ابن تيمية وابن القيم بأن الشفعة جارية على وفق القياس.
قال ابن القيم: "من محاسن الشريعة وعدلها وقيامها بمصالح العباد ورودها بالشفعة، ولا يليق بها غير ذلك؛ فإن حكمة الشارع اقتضت رفع الضرر عن
---------------
= وعبد الله بن عبد الله بن أويس محله الصدق، بمنزلة فليح بن سليمان، وقد تجنبه البخاري، وروى له مسلم.
ورواه الدارقطني (٣/ ٢٥) في سننه من طريق محمد بن عبيد الله العرزمي، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس. وهذا إسناد ضعيف جدًّا. فالعرزمي متروك.
(¬١) الهداية شرح البداية (٤/ ٢٤).
(¬٢) المغني (٥/ ١٧٨).
(¬٣) المرجع السابق.
(¬٤) شرح منتهى الإرادات (٢/ ٢٤١)، مطالب أولي النهى (٣/ ٥٨١).

الصفحة 162