كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 10)
في ظاهر الآية. وقيل: معناه أنّ ذلك سبق في قضائه. أو: جُعل الآتي لا محالة كأنه قد وجد (مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نفاعا حيث كنت» وقيل: معلما للخير. وقرئ: (وَبَرًّا) عن أبى نهيك، جعل ذاته برا لفرط بره.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لا محالة)، الجوهري: لا محالة، أي: لابد، يقال: الموت آتٍ لا محالة.
المغرب: أصل التركيب دالٌّ على الزوال والنقل، ومنه التحويل، وهو نقل الشيء من محلٍّ إلى آخر، فعلى هذا معنى لا محالة: لا تحول عنه، كما أن معنى لابد: لا فراق، والتبديد: التفريق، والاسم في البابين مبنيٌّ، والخبر محذوفٌ.
قوله: (وقرئ: ((وبراًّ))) بكسر الباء، والبر، بفتح الباء: صفةٌ مشبهة، وبالكسر: اسم.
قال ابن جني: قرأها أبو نهيكٍ وأبو مجلزٍ، وهو معطوفٌ على موضع الجار والمجرور من قوله: (بِالصَّلاةِ)، كأنه قال: وألزمني براًّ بوالدتي؛ لأنه إذا أوصاه به فقد ألزمه إياه، وعليه بيت ((الكتاب)):
فإن لم تجد من دون عدنان والداً ... ودون معدٍّ فلتزعك العواذل
عطف دون الثانية على موضع (من)، وإن شئت حملته على حذف المضاف، أي: وجعلني ذا برٍّ، وإن شئت جعلته إياه على المبالغة كقولها:
فإنما هي إدبارٌ وإقبال
فعلى هذا هو معطوفٌ على: (مُّبَارَكًا).