كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 10)

في (بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) صلة للتأكيد، كقوله تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة: 195]، أو على معنى: افعلي الهزّ به، كقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بجذع النخلة، فقوله: ((بالجذع)): حالٌ.
وقلت: فعلى هذا، يكون قد تنازع في (رُطَبًا): ((هزي)) و ((تساقط))، وقد أعمل فيه الأول، وهو ضعيف، ولأنه يكون ما في حيز الأمر متأخراً عن جوابه، ومن ثم قال المصنف: ((وليس بذاك)).
قوله: (أو على معنى: افعلي الهز به) يعني: نزل المتعدي منزلة اللازم للمبالغة، نحو: فلانٌ يعطي ويمنع، ثم عدي كما يعدى اللازم، نحو قول الشاعر:
فإن تعتذر بالمحل عن ذي ضروعها ... إلى الضيف يجرح في عراقبيها نصلي
((ذي ضروعها)): اللبن في الضرع، و ((يجرح)): جواب الشرط، و ((نصلي)): فاعله، و ((العراقيب)): جمع عرقوب، وهو العصب الغليظ فوق عقب الحيوان. يقول: إذا اعتذرت الناقة إلى الضيف قلة اللبن بالمحل أنحرها له.
وذهب صاحب ((الكشف)) إلى أن الباء للتسبب، والمضاف محذوفٌ، أي: هزي إليك بهز جذع النخلة، أي: إذا هززت النخلة اهتزت، وبهزك النخلة تساقط عليك رطباً، و (رُطَبًا): منصوبٌ ب (تُسَاقِطْ)، فإن يتفاعل قد جاء متعدياً. قال تعالى: (أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا) [النساء: 128]، و (يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ) [يونس: 45] ومن قال: ضربني وضربت زيداً، كان (رُطَبًا) منصوباً ب (وهُزِّي)، أي: هزي إليك رطباً جنياًّ متمسكة بجذع

الصفحة 8