كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 10)

ناقصو الإيمان، إن تابوا سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرين على الكبائر كانوا في المشيئة، فإن شاء اللَّه تعالى عفا عنهم وأدخلهم الجنة أولًا، وإن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة" (¬1).
• تنبيه: أصل هذه المسألة مسألة عقدية مشهورة يعبر عنها باسم "مرتكب الكبيرة"، مِن سرقةٍ أو زنا، أو غير ذلك.
فأجمع أهل السنة على أن مرتكب الكبيرة فاسق بما ارتكب، وهذا الإجماع من أهل السنة عليه تنبيهات ثلاث:
الأول: نقل ابن حزم وغيره ممن تكلم في اسم مرتكب الكبيرة قولًا نسبوه للحسن البصري (¬2) وقتادة (¬3)، محصله أن مرتكب الكبيرة منافق، وظنوا أن هذا القول يخالف مذهب أهل السنة في تسمية المنافق بالفاسق، حيث أن مراد
¬__________
(¬1) شرح النووي (2/ 41)، وانظر: تفسير القرطبي (5/ 386) (8/ 221)، طرح التثريب (7/ 260)، تحفة الأحوذي للمباركفوري (7/ 313 - 314). وثمة نصوص في نقل الإجماع على عدم كفر المسلم بالكبيرة ستأتي في مسألة مستقلة في آخر كتاب الردة في المسألة الحادية والعشرون بعد المائة، تحت عنوان: "مرتكب الكبيرة والحدود لا يكفر إلا بالشرك".
(¬2) هو أبو سعيد، الحسن بن أبي الحسن البصري، إمامُ أهل البصرة في زمانه، قال ابن سعد: "كان جامعًا، عالمًا، رفيعًا، فقيهًا، حجةً، مأمونًا، عابدًا، ناسكًا، كثير العلم، فصيحًا، جميلًا وسيمًا"، وقال العجلي: "تابعي ثقة، رجل صالح، صاحب سنة"، وقال ابن حجر: "ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيرًا ويدلس". ولد بالمدينة سنة (21 هـ)، ورأى عشرين ومائة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتوفي سنة (112 هـ). انظر: معرفة الثقات للعجلي 1/ 292، العبر في خبر من غبر 1/ 136، تهذيب التهذيب 2/ 231.
(¬3) هو أبو الخطاب، قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن سدوس ابن وائل السدوسي، تابعي بصري، ولد أعمى، سمع من أنس بن مالك، وعبد اللَّه بن سرجس، وأبي الطفيل، وابن المسيب، وجماعة، قال النووي: "أجمعوا على جلالته، وتوثيقه، وحفظه، وإتقانه، وفضله"، مات سنة (117 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 5/ 296، التاريخ الكبير للبخاري 7/ 185، جامع التحصيل في أحكام المراسيل لأبي سعيد العلائي 255.

الصفحة 41