كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 10)
3 - أن هذا هو المنقول عن جملة الصحابة كعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب وغيرهما، بل نقل ابن أبي شيبة (¬1) في مصنفه أن عليه إجماع الصحابة فقال: "كان عليٌ يقول في السارق إذا سرق: قُطعت يده، فإن عاد قُطعت رجله، فإن عاد استودعته السجن.
وعن سماك (¬2) عن بعض أصحابه: أن عمر استشارهم في سارق، فأجمعوا على مثل قول علي" (¬3).
وإنما وقع الخلاف في أي شيء يقطع في السرقة الثانية، وهل يقطع أو يحبس في السرقة الثالثة وما بعدها.
• المخالفون للإجماع: خالف الحنفية في بعض صور المسألة، حيث ذهبوا إلى أن من سرق وأقيم عليه الحد، ثم سرق ثانيةً فعليه الحد، إلا إن كان قد سرق نفس العين، فإنه لا يقطع بسرقة شيء كان قد سرقه من قبل وقُطع فيه، إذا لم يتغير عن حالته الأولى، وإن تغير بأن كان غزلًا فسرقه فقُطع فيه، ثم رده إلى صاحبه فنسجه أو نحو ذلك ثم سرقه ثانية، فهنا عليه القطع، وبهذا فهم يخالفون الجمهور من هذه الحيثية في المسألة لا في عمومها (¬4).
¬__________
(¬1) هو أبو بكر، عبد اللَّه بن محمد بن القاضي أبي شيبة إبراهيم عثمان بن خواستي، العبسي، مولاهم، الكوفي، من أقران أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، كان إمامًا، ثقة، حافظًا للحديث، وكان بحرًا من بحور العلم، قال الخطيب: "كان أبو بكر متقنًا حافظًا"، من مصنفاته: "المسند"، و"الأحكام"، و"التفسير" توفي سنة (235 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 11/ 123، تهذيب التهذيب 6/ 2، طبقات الحفاظ 2/ 432.
(¬2) هو أبو المغيرة سماك بن حرب بن أوس بن خالد بن نزار بن معاوية بن عامر بن ذهل البكري، من أهل الكوفة، يخطئ كثيرًا، كان حماد بن سلمة يقول: سمعت سماك بن حرب يقول: "أدركت ثمانين من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم"، ومات سنة (123 هـ). انظر: الثقات لابن حبان 4/ 339، تهذيب التهذيب 4/ 204، لسان الميزان لابن حجر 7/ 238.
(¬3) مصنف ابن أبي شيبة (6/ 485)، باختصار يسير.
(¬4) انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (3/ 219).