كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)

وكان يزيد بن المهلَّب لما خرج إلى خُراسان خرج معه رجل من عبد القيس يقال له: علتب ومعه امرأتُه، فهَوِيَها يزيد، وبعث زوجَها في بعث، فلم يخرج، فدسَّ إليه من سقاه السُّمّ، فمات، فنقل زوجتَه إلى قصره، وكان يأتي المرأة.
وبلغ الحجَّاج، فلما حصلَ في يده قال له: ويحك! أتزني وأنتَ والي خُراسان؟ ! فضربَه الحدَّ، وبسط العذاب على يزيد وإخوته.
وهربوا من سجنه إلى الشَّام، واستجاروا بسليمان بن عبد الملك، فأجارهم، فأقاموا عنده (¬1) إلى أنْ وَليَ يزيدُ العراق، وخُراسان.
ووَليَ عمر بنُ عبد العزيز - رضي الله عنه -، واستدعى يزيدَ إلى الشَّام، وحبسَه، وهربَ من سجنه إلى العراق.
ومات عمر - رضي الله عنه -، واستولَى يزيدُ بن المهلَّب على البصرة، وأخذ عديَّ بنَ أرطاة وحبسه، وأقامَ بالبصرة.
وجهَّز يزيدُ بنُ عبد الملك لقتاله مسلمةَ بنَ عبد الملك والعباسَ بنَ الوليد، فسار العبَّاس في أربعة آلاف، وتبعَه مسلمةُ في ثمانين ألفًا من أهل الديوان، وقد ذكرنا ذلك (¬2).
ذكر مقتل يزيد وإخوته:
ولما خلع يزيدُ بنُ المهلب يزيدَ بنَ عبد الملك قال: إنِّي لأرجو أن أنقضَ دمشق حجرًا حجرًا؛ قال الفرزدق:
تُخبِّرُك الكُهَّانُ أَنك ناقضٌ ... دمشقَ التي قد كانتِ الجنُّ خَرَّتِ
لها من جبال الثلجِ صخرًا كأنَّه ... قَنَاعِيسُ شُمٌّ أشْرَفَتْ واشْمَخَرَّتِ (¬3)
¬__________
(¬1) من هذا الموضع، حتَّى نهاية الفقرة، ليس في (ص).
(¬2) تفصيل الكلام في "أنساب الأشراف" 7/ 222 - 216، و"تاريخ" الطبري 6/ 393 و 556 و 564 و 578.
وينظر ما سلف أوائل أحداث ستة (101).
(¬3) القناعيس: جمع القِنْعاس، وهو من الإبل: العظيم، والرجل الشديد المنيع. ينظر "القاموس" (قنعس). واشَمَخَرَّت، أي: طالتْ.

الصفحة 347