كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)

ولقَدْ ضَرَبْنا في البلادِ فلم نَجِدْ ... أحدًا سواك إلى المكارمِ يُنسبُ
فاصْبِرْ لعادتنا التي عوَّدْتَنا ... أو لا فأرْشِدْنا إلى مَنْ نَذْهَبُ
فأعطى كلَّ واحد ألفَ دينار.
وأنشده رجل:
ما لي أرى أبوابَهم مهجورةً ... وكأنَّ بابك مَجْمَعُ الأسواقِ
جاؤوك يبغون النَّدَى وتأمَّلُوا ... جَدْوَاكَ فاجتمعوا من الآفاقِ
إني رأيتُك للمكارم عاشقًا ... والمكرماتُ قليلة العُشَّاقِ
فأعطاه ثلاثين ألفًا.
ومرَّ بأعرابية فقدَّمَتْ له شاةً وقالت: واللهِ لا أملكُ غيرها. فقال لخازنه: ما معك؟ قال: ثمان مئة دينار. قال: أعطها إيَّاها. فقال: إنها تقنعُ منك باليسير! فقال: إن كانت هي تقنعُ باليسير؛ فأنا لا أرْضَى لها إلا بالكثير. قال: فإنها لا تعرفُك! فقال: أنا أعرفُ نفسي. ودفعَ إليها المال (¬1).
وقد رثاه خلقٌ كثير، فقال ثابت قُطنة:
أَبَى طُولُ هذا الليلِ أنْ يَتَصَرَّما ... وهاجَ لك الهَمُّ الفؤادَ المُتَيَّما
على هالكٍ هَدَّ العشيرةَ فَقْدُهُ ... دَعَتْهُ المنايا فاستجابَ وسَلَّما
على مَلِكٍ يا صاحِ بالعَقْرِ جُبِّنَتْ ... كتائبُهُ واستَوْرَدَ الموتَ مُعْلِما
أَمَسْلَمَ إنْ تَقْدِرْ عليك رِماحُنا ... نُذِقْك (¬2) بها سُمَّ (¬3) الأساودِ مُسْلَما
وإنْ نَلْقَ للعبَّاس في الدهر عَثْرةً ... نُكافِئْهُ باليوم الذي كان قَدَّمَا
قِصاصًا ولا نَعْدُو الذي كان قَدْ أتى ... إلينا وإنْ كان ابنُ مروانَ أَظْلَما
من أبيات.
وقال الطِّرِمَّاح:
¬__________
(¬1) بنحوه في المصدر السابق.
(¬2) في (خ) (والكلام منها): نذوق. والمثبت من "تاريخ" الطبري، و"الكامل" 5/ 88.
(¬3) في المصدرين السابقين: فيء، بدل: سُمّ.

الصفحة 360