كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)
وقال ابن سعد (¬1): خرج ناسٌ فرارًا من الطاعون إلى العراق، فقال لهم جابر بن زيد: ما أقربَكم ممَّن أرادكم!
ذكر وفاته:
قال عَزْرَة (¬2): دخلتُ على جابر وهو يموتُ، فقلتُ: إنَّ الإباضيَّة يزعمون أنك منهم -وكانوا ينتحلونه- فقال: أبرأُ إلى الله منهم.
وقال ثابت البُناني: دخلتُ على جابر بن زيد وقد ثَقُل، فقلت له: ما تشتهي؟ قال: نظرة من الحسن. فأتيتُ الحسن -وهو مختفٍ في منزل أبي خليفة- فذكرتُ له ذلك، فقال: اخرُجْ بنا إليه. فقلت: أخافُ عليك. قال: إن الله سيصرفُ أبصارَهم عني. فانْطَلَقْنا، فدخلنا عليه، فقال له الحسن: يا أبا الشعثاء، قُلْ لا إله إلا الله. فقال: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} الآية [الأنعام: 158] فلم يزل عنده حتى أسحر، وقال له: ما تقولُ في أهل النهر؟ فقال: أبرأ إلى الله منهم. وخاف الحسنُ الصبح ولم يمت جابر، فقام الحسن قائمًا فكبَّر عليه أربعًا، ثم انصرف (¬3).
أوصى جابر أن تُغسِّلَه امرأتُه، ومات في سنة ثلاث ومئة (¬4).
وكان جابر أعور.
أسند عن ابن عمر - رضي الله عنه -، وابن عباس -رضي الله عنهما-، وروى عنه خلق كثير، وكان ورعًا ثقة (¬5).
خالد بنُ مَعْدان
ابن أبي كَرِب، أبو عبد الله الكَلاعي، من الطبقة الثالثة من التابعين من أهل الشام.
¬__________
(¬1) في "الطبقات" 9/ 180.
(¬2) في (خ) (والكلام منها): عروة. والتصويب من "طبقات" ابن سعد 9/ 181 والخبر فيه.
(¬3) المصدر السابق 9/ 181 - 182. وأبو خليفة المذكور هو حجَّاج بن عتَّاب العبدي البصري.
(¬4) المصدر السابق.
(¬5) قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 4/ 482: هو من كبار تلامذة ابن عباس. وينظر "تهذيب الكمال" 4/ 435 - 434. ومن قوله: وقال خليفة وفد كوثر بن زفر، ص 358، في فقرة "ذكر طرف من أخبار يزيد" ... إلى هذا الموضع، ليس في (ص).