كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)

وقال ابنُ سِيرِين: قدمتُ الكوفة وللشعبيّ حلقة عظيمة وأصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ كثير (¬1).
وقال الشعبيّ: ما أرى شيئًا أقلَّ من الشِّعر، ولو شئتُ لأنشدتكُم شهرًا لا أُعيدُه (¬2).
وقال: لو أنَّ رجلًا سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن، فحفضظ كلمةً تنفعُه فيما يستقل من عمره؛ لرأيتُ أنَّ سفره لم يَضِعْ (¬3).
وقال: العلمُ أكثرُ من عدد القَطْر، فخُذْ من كلِّ شيءٍ أحسنهَ (¬4).
وكان للشعبيّ ديوان، وكان يغزو عليه، وكان شيعيًّا، فرأى منهم أمورًا وسمع كلامهم إفراطَهم، فترك رأيهم، وكان يَعِيبُهم (¬5).
وقال: اِعلم أنَّ الحسنةَ من الله، والسيئة من نفسك، ولا تكن قَدَريًّا.
قال سبط ابنُ الجوزي رحمه الله: وهذا عينُ القَدَر (¬6).
وقال مالك بن معاوية (¬7): قال لي الشعبيّ وقد ذكرنا الرافضة: يا مالك، لو أردتُ أن يُعطوني رقابهم عبيدًا، وأن يملؤوا بيتي ذهبًا على أن أكذبَ لهم كَذْبةً واحدة على أمير المؤمنين عليٍّ - عليه السلام - لفعلوا، ووالله لا كذبتُ عليه أبدًا.
يا مالك، إني قد درستُ (¬8) أهل الأهواء كلَّهم، فما رأيتُ أحمقَ منهم، فإنهم ينقضون عرى الإسلام عروةً عروة كما ينقض اليهودُ النصرانية، لم يدخلوا في الإسلام
¬__________
(¬1) تاريخ دمشق ص 165 (طبعة مجمع دمشق).
(¬2) المصدر السابق ص 160.
(¬3) حلية الأولياء 4/ 313، وصفة الصفوة 3/ 75 - 76.
(¬4) حلية الأولياء 4/ 414، وصفة الصفوة 3/ 76.
(¬5) طبقات ابن سعد 8/ 367.
(¬6) كيف يكون ذلك وقد حكى ما قاله القرآن: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}؟ وينظر تاريخ دمشق ص 184.
(¬7) كذا في (خ) (والكلام منها)، و"العقد الفريد" 2/ 409. ولعل الصواب: مالك بن مغول، كما في "شرح أصول الاعتقاد" (2823) والكلام فيهما بنحوه.
(¬8) في (خ): مارستُ، والمثبت من المصدرين السابقين.

الصفحة 382