كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)

قال عثمان بن الهيثم (¬1): كان رجلٌ بالبصرة من بني سعد، وكان قائدًا من قُوَّاد عُبيد الله بن زياد، فسقط الرجل من السطح فانكسرت رجلاه، فدخلَ عليه أبو قِلابة يعودُه، فقال له: أرجو أن تكون لكَ خِيرةً. فقال: يا أبا قِلابة، وأيُّ خِيرة في كسر رجليَّ جميعًا؟ ! قال: ما ستر الله عليك أكثر.
فلما كان بعد ثلاث وردَ عليه كتابُ ابنِ زياد يأمرُه أن يخرجَ فيقاتلَ الحسين عليه السلام، فقال للرسول: قد أصابني ما ترى، فلما كان بعد سبعة أيام وافى الخبر بقتل الحسين - رضي الله عنه -، فقال الرجل: رحم الله أبا قِلابة، لقد صدقَ أنَّه كان خِيرةً لي (¬2).
وقال أيوب السَّختياني: قال لي أبو قِلابة: احفَظْ عنّي ثلاث خِصال: إيَّاك وأبوابَ السلاطين، ومجالسةَ أهل الأهواء، والزم سُوقَك، فإنَّ الغِنَى من العافية (¬3).
مات أبو قِلابة بالشام بداريَّا سنة أربع -أو خمس- ومئة.
وقيل: سنة ستٍّ ومئة، أو سبع ومئة (¬4).
وقال البخاري: مات قبل ابنِ سِيرِين (¬5).
أسند أبو قِلابة عن أنس [بن مالك] ومالك بن الحُوَيرِث، وعَمرو بن سَلَمة، والنُّعمان بن بشير.
وأرسل عن ابن عمر، وعائشة، وروى عن أبي مسلم الجليلي، وأبي الأشعث الصنعاني، وأبي أسماء الرَّحَبي، وأبي إدريس الخَوْلاني، وغيرهم.
وروى عنه قَتادة، ويحيى بن أبي كثير، وخالد الحذَّاء، وحُميد الطويل، وعاصم الأحول، وداود بن أبي هند (¬6).
¬__________
(¬1) في (ص): حدثني جدّي بإسناده إلى عثمان بن الهيثم قال.
(¬2) تاريخ دمشق ص 563، وصفة الصفوة 3/ 238، والمنتظم 7/ 92.
(¬3) تاريخ دمشق ص 560، والمنتظم 7/ 92.
(¬4) ينظر "طبقات" ابن سعد 1/ 185، و"تاريخ دمشق" ص 567 - 568.
(¬5) أخرجه ابن عساكر عن البخاري في "تاريخ دمشق" ص 542 (جزء فيه تراجم حرف العين - طبعة مجمع دمشق). وهو في "التاريخ الكبير" للبخاري 5/ 92 وسقطت منه لفظة "قبل".
(¬6) تاريخ دمشق ص 535، وتهذيب الكمال 14/ 542 - 544. وأخرج ابن عساكر ص 548 عن يحيى بن معين قوله: أبو قلابة عن النعمان بن بشير مرسل. وأخرج أيضًا ص 565 عن أبي حفص الفلاس قوله: لم يسمع قتادة من أبي قلابة.

الصفحة 393