كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)

أرى الإقبال منكِ على جليسي ... وما لي في حديثكما (¬1) نصيبُ
فقالت سَلَّامة:
لأنَّ اللهَ علَّقَهُ فؤادي ... فحازَ القلبَ دونَكُمُ حبيبُ
فقال الأحوص:
خليلي لا تَلُمْها في هواها ... ألذُّ العيش ما تَهْوَى القلوبُ
فخرج ابنُ حسان إلى يزيد بن عبد الملك (¬2) ممتدحًا له، فأكرمه ووصله، فقال: يا أمير المؤمنين، عندي نصيحةٌ، فقال: وما هي؟ قال: جارية بالمدينة لامرأةٍ من قريش. ووصفَها له، وقال: لا تصلح إلا لك. فبعث إلى عامله، فاشتراها وحملَها إليه، فوقعت منه موقعًا.
وعاد عبد الرحمن إلى المدينة ومر بالأحوص، وإذا به متبسِّم، فأنشده:
يا مبتلًى بالحبِّ مفدوحًا ... ولاقيًا منه تباريحا
ألجمَهُ الحبُّ فما ينثني ... إلا بكأس الحبِّ مصبوحَا
وصارَ ما يُعجبُهُ مغْلَقًا ... عنهُ وما يكرهُ مفتوحَا
قد حازَها مَنْ أصبَحَتْ عنده ... ينالُ منها الشَّمَّ والرِّيحَا
خليفةُ الله فَسَلِّ الهوى ... فعَزَّ قلبًا منك مقروحا (¬3)
وقال ابن عساكر (¬4):
بعث يزيدُ بنُ عبد الملك إلى المدينة، فاشترى سلَّامة بعشرين ألفَ دينار، فخرج أهلُها يودِّعُونها، فامتلأ المكان بالناس، فقالت:
فارقُوني وقد علمتُ يقينًا ... ما لِمَنْ ذاقَ فُرْقةً (¬5) من إيابِ
¬__________
(¬1) في "الأغاني" 9/ 134: ... على خليلي وما لي في حديثكُم ...
(¬2) في "الأغاني" 9/ 134: يزيد بن معاوية، والقصة في سلامة جاريته كما سلف قبل تعليق ..
(¬3) في "الأغاني" 9/ 135: مجروحا (وينظر الخبر فيه).
(¬4) رجع الكلام على سلّامة جارية يزيد بن عبد الملك، وهو في "تاريخ دمشق" ص 191 (طبعة مجمع دمشق - تراجم النساء).
(¬5) في "الأغاني" 8/ 343، و"تاريخ دمشق" ص 191: ميتة.

الصفحة 416