كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)

ثم توفّيت حَبَابة، فكانت سببًا لوفاته؛ بينا هو جالسٌ يومًا [معها] في مستشرف وقد قال للخادم: هذا يوم سروري، فلا ترفعنَّ إليّ شيئًا من أمور الناس. فأخذتْ رمَّانةً فأكلت منها حبَّة، فشَرقَتُ بها وماتت (¬1).
وقيل: إن يزيد رماها بحبة عنب، فدخلت في فيها، فشَرِقَتْ بها، فماتت (¬2).
فتركها في البيت حتى نَتَنَتْ، وحزن عليها حزنًا منعه من الطعام والشراب حتَّى مات كمدًا.
[قال الهيثم: ] وخرج في جنازتها محمولًا فلم تحمله قدماه، فسقط إلى الأرض، فقال لمسلمة: صَلِّ عليها. ثم حُمل إلى قبرها وهو ينشد [قول كُثَيِّر]:
وإنْ تَسْلُ عنكِ النَّفسُ أو تَدَعِ الصَّبَا ... فبالرُّغم (¬3) أسْلُو عنكِ لا بالتَّجَلُّدِ
وكلُّ خليلٍ راءني فهو قائلٌ (¬4) ... مِنَ أجلكِ هذا هامةُ اليومِ أو غَدِ
ثمّ حُمل إلى قصره، فما خرج إلا على النَّعْش (¬5).
وأشار عليه مسلمةُ أن لا يخرج إلى الناس سبعة أيام لئلا يظهر منه شيءٌ يُسَفَّهُ به (¬6).
وقال الهيثم: دفنها ثم نبشَها بعد ثلاث وقد نتَنَتْ، فرمى بنفسه عليها، ولم يمنعه شدةُ نتَنَها من ذلك، وجعل يلثمها ويَشَمُّها، وأعادها إلى قبرها، ولزمه (¬7).
وعاش بعدها أربعين ليلة مريضًا، وقيل: خمس عشرة ليلة، وقيل: ثلاثة أيام.
وقال الأصمعي: إنه دخل بعد موتها إلى خزائنها ومقاصيرها، فطاف فيها ومعه جارية لها، فترنَّمَت:
¬__________
(¬1) الأغاني 15/ 143، والمنتظم 7/ 111، ومختصر تاريخ دمشق 7/ 301.
(¬2) أنساب الأشراف 7/ 203، ونُسب الكلام في (ص) إليه.
(¬3) في المصادر السابقة: فباليأس.
(¬4) في (خ) (والبيتان منها): وكل رآني فهو لا شك قاتل. والمثبت من "الأغاني" 15/ 144، وفي "مختصر تاريخ دمشق" 7/ 302: وكلُّ حبيب زارني.
(¬5) بنحوه في "تاريخ دمشق" 18/ 342 (مصورة دار البشير - ترجمة يزيد بن عبد الملك).
(¬6) تاريخ الطبري 7/ 24، وبنحوه في "الأغاني" 15/ 145. ولم يرد هذا القول في (ص).
(¬7) لم أقف على هذا السياق، والذي في "أنساب الأشراف" 7/ 204، و"المنتظم" 7/ 111، و"مختصر تاريخ دمشق" 7/ 302 أنها لما ماتت بقيت عنده ثلاثًا حتَّى أنتنت ... ثم أذن لهم في دفنها. وينظر "الأغاني" 15/ 144.

الصفحة 419