كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)
ودفع الحجَّاجُ إليه سيفًا (¬1)، وأمره أن يقتل رجلًا، فقال سالم للرجل: أمسلمٌ أنت؟ قال: نعم. قال: أصليتَ اليوم الصبح؟ قال: نعم. [قال: ] فرجع إلى الحجَّاج، ورمى بالسيف، فقال الحجَّاج: لِمَ لم تقتله؛ قال: لأنه ذكر أنَّه مسلمٌ، وأنه صلَّى اليوم صلاةَ الصبح، وقد أخبرني أبي عن أبيه، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ صلَّى صلاة الصُّبح فهو في ذمَّة الله تعالى" (¬2). فقال [له] الحجَّاج: إنما تقتلُه لأنَّه ممَّن أعانَ على قَتْلِ عثمان. فقال سالم: ها هنا مَنْ هو أولى بعثمان منّي.
و[روى ابن أبي الدنيا أن سالمًا] رأى في المنام كأنَّه يقرع باب الجنّة. قيل: من؟ قال: سالم. قيل: كيف نفتح لمن لم تَغْبَرَّ قدماه في سبيل الله؟ ! فلما أصبح خرج غازيًا إلى الشام (¬3).
وزحم رجلًا في السوق، فقال الرجل له (¬4): ما أراك إلا رجلَ سُوء. فقال سالم: ما أحسبُك أبعدتَ!
وكان سالم يقوم الليل.
ذكر وفاته:
[حكى ابنُ سعد بإسناده عن عبد الله بن عمر بن حفص قال (¬5): نظر هشام بن عبد الملك إلى سالم بن عبد الله بن عمر يوم عرفة في ثوبين متجرّدًا، فرأى فيه كِدْنة حسنة، فقال: ما طعامُك يا أبا عُمر (¬6)؛ قال: الخبز والزيت. فقال هشام: فكيف تستطيع
¬__________
(¬1) في (ص): وقال ابن سعد بإسناده عن عطاء بن السائب قال: دفع الحجاج بن يوسف إلى سالم بن عبد الله سيفًا ... والخبر في "طبقات" ابن سعد 7/ 195، وتاريخ دمشق 7/ 29.
(¬2) أخرجه ابن سعد (كما سلف). وأخرجه أيضًا من طريق سالم عن أبيه مرفوعًا: الطبراني في "العجم الكبير" 12 / (13210). وأخرجه مسلم (657) من حديث جندب بن عبد الله - رضي الله عنه -.
(¬3) تاريخ دمشق 7/ 32.
(¬4) كذا في (خ) والخبر منها، ولم يرد في (ص)، وهو في "تاريخ دمشق" 7/ 32، و"صفة الصفوة" 2/ 90، و"المنتظم" 7/ 114 وفيها أن رجلًا زحم سالمًا، فقال له سالم: في بعضَ هذا رحمك الله! فقال له الرجل ... إلخ.
(¬5) طبقات ابن سعد 7/ 199. وأخرجه من طريقه ابن عساكر "تاريخ دمشق" 7/ 33 - 34.
(¬6) في (ص) (والكلام منها، وهو الواقع بين حاصرتين): يا أبا عمرو. والمثبت من المصدرين السابقين، وهو الصواب.