كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)
وقال الزُّبير بن بكَّار: كانت أمُّ مِحْجَن عند نُصَيب، وكانت سوداء، فلما أثْرَى تزوَّجَ بيضاءَ، فغارَتْ أمُّ محجن، فقال لها: [يا أمَّ محجن] واللهِ ما مثلي مَنْ يُغار عليه، وما أحدٌ أكرمَ عليَّ منك.
ثم قال لها بعد مدَّة: أريد أن أجمعَ بينكما لإصلاح ذات البين ولمِّ الشَّعَث. فقالت: افعل. فأعطاها دينارًا وقال لها: ازدادي لها به ضيافة لئلا ترى بكِ خَصَاصة، وأعطى الجديدة دينارًا وقال: أصلحي لها به ضيافة (¬1)، ولا تقولي إنه من عندي.
ثم قال لصاحب له: إذا اجتمعنا فقل لي: أمْا أحبُّ إليك من زوجَتَيك؟ ثم اجتمعا، فسأله الرجل، فقال: صاحبةُ الدينار. وكانا خلف السّتر، فظنَّتْ كلُّ واحدة أنَّه عناها، فرضيتا (¬2).
ونُصيب من شعراء الحماسة، فمن شعره:
كأنَّ القلبَ ليلةَ قيلَ يُغْدَى ... بليلى العامريَّةِ أو يُراحُ
قَطاةٌ عَزَّها شَرَك (¬3) فباتَتْ ... تُجاذبُه وقد عَلِقَ الجناحُ
لها فرخانِ قد تُرِكا بوَكْرٍ ... فعشُّهما تُصَفِّقُهُ الرِّياحُ
إذا سمعا هبوب الرِّيح نَصَّا (¬4) ... وقد أَوْدَى به (¬5) القَدَرُ المتاحُ
فلا (¬6) في الليل نالتْ ما تَمَنَّتْ ... ولا في الصبح كان لها بَرَاحُ (¬7)
السنة التاسعة بعد المئة
فيها غزا معاوية بن هشام الروم، ففتح حصنًا يقال له: الطينة (¬8).
¬__________
(¬1) في "تاريخ دمشق" 17/ 562: أهْدِي لها به.
(¬2) الخبر في "تاريخ دمشق" 17/ 562، و"المنتظم" 7/ 135، وسياقتُه فيهما أجود.
(¬3) عزَّها، أي: غلبها، والشَّرَك: حِبالة الصَّيد.
(¬4) أي: نصبا أعناقهما. "شرح الحماسة" للتبريزي 3/ 151.
(¬5) في (خ) (والكلام منها): بها. والمثبت من المصدر السابق.
(¬6) في (خ): فما. والمثبت من المصدر السابق.
(¬7) شرح الحماسة للتبريزي 3/ 151. ونُسب البيتان الأولان في "الأغاني" 2/ 62 و 89 لمجنون ليلى، ونُسب في "ديوان المعاني" 1/ 275 لقيس بن ذريح. ومن قوله: ونُصيب من شعراء الحماسة ... إلخ، ليس في (ص).
(¬8) في "تاريخ" الطبري 7/ 46، و"الكامل" 5/ 145: طيبة.