كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)

[قال هشام: ] وكان يلبس مطارف الخَزّ ويتختَّمُ في يساره ويَخضِبُ بالحِنَّاء، ويركبُ الحمار، ويُبغض أصحابَ الأكسية ويقول: واللهِ لأحدُهم أشدُّ تعجُّبًا بكسائه من صاحب المِطْرف بمِطْرَفِه (¬1)، إنَّ أكثر أهل النار أصحابُ الأكسية (¬2).
[ذكر خوف الحسن وبكائه]
وقال إبراهيم (¬3) بن عيسى اليشكري: ما رأيتُ أطولَ حُزْنًا من الحسن، وما رأيتُه قطُّ إلا حسبتُه حديث عهدٍ بمصيبة.
[وقال سليمان بن المغيرة: ] وكان الحسن يقول: نضحكُ! ولعلَّ الله قد اطَّلع على بعض أعمالنا فقال: لا أقبلُ منكم شيئًا (¬4).
[وقال مسمع: لو رأيتَ الحسن لقلتَ: قد بُثَّ عليه حزنُ الخلائق؛ من طول تلك الدمعة، وكثرة ذلك النشيج (¬5).
وحكى ابنُ سعد عن يزيد بن حَوْشَب قال: ما رأيتُ أخوفَ من الحسن وعمر بن عبد العزيز، كأنَّ النار لم تُخلق إلا لهما (¬6).
وقال حفص بن عمر: ] وبكى الحسن، فقيل له: ما يُبكيك؟ قال: أخاف أن يطرحني في النار غدًا ولا يبالي (¬7).
و[قال يوسف بن أسباط: ] مكث ثلاثين سنة لم يضحك، وأقام أربعين سنة لم يمزح، وكان يقول: لقد أدركتُ أقوامًا ما أنا عندهم إلا لصّ (¬8).
¬__________
(¬1) المِطْرف: رداء -أو ثوب- من خَزّ مربّع ذو أعلام (رسوم).
(¬2) يعني الذين يلبسون الصوف ويُظهرون التواضع. وبعض الخبر بنحوه في "طبقات" ابن سعد 9/ 169. وما سلف بين حاصرتين من (ص).
(¬3) في (ص): روى أبو نُعيم بإسناده إلى إبراهيم ... والخبر في "حلية الأولياء" 2/ 133. وما سلف بين حاصرتين من (ص).
(¬4) ينظر المصدر السابق 2/ 134.
(¬5) في (ص) (والكلام منها): التسبيح. والمثبت من "صفوة الصفوة" 3/ 233.
(¬6) طبقات ابن سعد 7/ 386 (ترجمة عمر بن عبد العزيز).
(¬7) صفة الصفوة 3/ 233.
(¬8) حلية الأولياء 8/ 240، وشُعب الإيمان 4/ 265، وصفة الصفوة 3/ 234.

الصفحة 464