كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)

[قلت: وقد روى ابن سعد أن الحسن غسل كتبه قبل الموت] (¬1).
وقال سهل بن حُصين كان منلم الباهليّ: بعثتُ إلى عبد الله بن الحسن أنِ ابعثْ إليَّ بكتب أبيك. فبعث إليَّ يقول: إنه لما ثَقُل قال: اجمعها لي. فجمعتُها له، وما أدري ما يصنع بها. فقال للخادم: اُسْجُرْ في التَّنُّور. فسَجَرَه له، ثم أمر بها، فأُحرقت (¬2).
وقد روى ابنُ سعد أنه كان يميل إلى القدر، فقال: أخبرنا عارم بن الفضل، حدَّثنا حمَّادُ بنُ زيد، عن أيوب قال: أنا نازلتُ الحسن في القَدَر غيرَ مرَّة حتى خوَّفتُه السلطان (¬3) فقال: لا أعودُ فيه بعد اليوم.
وقال أيوب (¬4): لا أعلَمُ أحدًا يستطيعُ أن يعيبَ الحسن إلا به.
وقال عمر مولى غَفْرة: كان أهلُ القَدَر ينتحلُون الحسن، وكان قولُه مخالفًا لهم، كان يقول: يا ابن آدم، لا تُرضِ أحدًا بسخط الله، ولا تُطيعنَّ أحدًا في معصية الله، ولا تحمَدَنَّ أحدًا على فضل الله، ولا تلومَنَ أحدًا فيما لم يؤتك الله، إنَّ الله خلقَ الخلق، فمضَوا على ما خلقَهم عليه، فمن كان يظنّ أنه يزداد بحرصه في رزقه، فليزدد بحرصه في عمره، أو يغيّر لونه، أو يزيد في أركانه أو بنائه (¬5).
وقال حمَّاد بن سلمة: كان سبب نسبته إلى القدر أنه كان يجتمع إليه جماعة ممَن يرى القدر، كمعبد الجُهنيّ وأمثاله، فيقولون: يا أبا سعيد، إن هؤلاء الظَّلَمة الأشرار يأخذون الأموال، ويسفكون الدماء، ويفعلون ويفعلون، ويَدَّعُون أنما تجري أعمالهم على قَدَر الله تعالى، فيقول: كذبَ أعداء الله، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} [الأعراف: 28]، إن الله لا يرضى لعباده الكفر (¬6)، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}
¬__________
(¬1) أقف عليه، والكلام بين حاصرتين من (ص). ولم يرد فيها الكلام بعده حتى نهاية الترجمة، وجاء فيها بعده ما صورته: انتهت ترجمة الحسن البصري - رضي الله عنه -.
(¬2) طبقات ابن سعد 9/ 175، وفيه أنه أمر بها فأُحرقت غير صحيفة واحدة ...
(¬3) في (خ): بالسلطان. والمثبت من (ب)، وهو موافق لما في "طبقات" ابن سعد 9/ 168.
(¬4) في (ب) و (خ): ورب، بدل كلمة: أيوب، وجاء فوقها في (خ): كذا. والمثبت من المصدر السابق والخبر فيه.
(¬5) طبقات ابن سعد 9/ 175.
(¬6) لفظ الآية: {وَلَا يَرضى لِعِبَادِهِ الكفر} [النور: 7].

الصفحة 474