كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)

كان لا يغنيك ما يكفيك) فليس في الدنيا شيءٌ يكفيك، ويحك يا عطاء، إنما بطنُك بحرٌ من البحور، ووادٍ من الأودية، وليس يملؤه إلا التراب (¬1).
وروى أبو نُعيم عن منير مولى الفضل بن أبي عيَّاش قال: كنتُ قاعدًا عند وَهْب، فجاءه إنسان فقال: مررتُ بفلان وهو يشتُمك. فغضب وقال: ما وجدَ الشيطان رسولًا غيرك؟ ! قال: فما برحتُ من عنده حتى جاءه ذلك الرجل الشاتم، فسلَّم على وَهْب، فردَّ عليه، ومدَّ يده فصافَحه وأجلسه إلى جنبه (¬2).
وقال إبراهيم بن عمر: قال وَهْب: إذا مدحك الرجل بما ليس فيك؛ فلا تأمن أن يذمَّك بما ليس فيك (¬3).
وقال الهيثم: قال وَهْب: مكتوبٌ في التوراة: أنا الله، قلوبُ الملوك بيدي، أُقلِّبُها كيف شئتُ، فمن كان على الطاعة؛ جعلتُ الملوك عليهم رحمة، ومن كان على المعصية؛ جعلت الملوك (عليهم) نقمة] (¬4).
وقال المثنَّى بن الصبَّاح: أقام وَهْب أربعين سنة لم يُفرش له فراش.
وكان يحفظُ كلامَه في كل يوم، فإن سَلِمَ أفطر تلك الليلة، وإلا طوى. وسرد الصومَ أربعين سنة.
[وقال المثنَّى بن الصبَّاح: وليَ وَهْب القضاء لعروة بن محمد السعدي في أيام عمر بن عبد العزيز (¬5).
¬__________
(¬1) حلية الأولياء 4/ 43، وصفة الصفوة 2/ 294 - 295 (وما بين قوسين عاديين منهما). وذكره ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 48/ 24 - 25 (طبعة مجمع دمشق) في ترجمة عطاء الخُراساني.
(¬2) حلية الأولياء 4/ 71، وتاريخ دمشق 17/ 959 (مصورة دار البشير)، وصفة الصفوة 2/ 295.
(¬3) تاريخ دمشق 17/ 960 (مصورة دار البشير)، وصفة الصفوة 2/ 295.
(¬4) بنحوه في "العقد الفريد" 1/ 7، وكلمة (عليهم) بين قوسين عاديين منه، وذكره أبو نعيم في "حلية الأولياء" 2/ 378 عن مالك بن دينار. ومن قوله: هذا سورة ما ذكره ابن سعد (أوائل الترجمة) ... إلى هذا الموضع -وهو ما بين حاصرتين- من (ص).
(¬5) ينظر "المعرفة والتاريخ" 2/ 49.

الصفحة 486