كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 10)

و [قال أبو عبيد: ] جلس الفرزدق يومًا عند الحسن البصري، فجاءه رجل فقال: يا أبا سعيد، إنا نكون في هذه البعوث والسرايا، فنُصيبُ المرأة من العدوّ، وهي ذاتُ بَعْل، أفَتَحِلُّ لنا من غير أن يطلِّقها زوجُها؟ فقال الفرزدق: قد أجبتُ عن هذا في قولي:
وذاتِ حليل أنكحَتْنا رماحُنا ... حلالٌ لمن يَسبِي (¬1) وإنْ لم تُطَلَّقِ
فقال الحسن: صدق.
و[قال أبو عبيدة: ] كانت هند (¬2) بنت صعصعة عمَّة الفوزدق تقول: مَنْ جاءت من نساء العرب بأربعة مثل مثالي (¬3) يحلُّ لها أن تضع خمارها عندهم؛ فصِرمَت لها (¬4): أبي صعصعة، وأخي غالب، وخالي الأقرع بن حابس، وزوجي الزبْرِقان بن بدر. فسُمّيَتْ ذاتَ الخمار.
[قلت: ] وقد روى صعصعة [أبو هذه] الحديثَ [عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخرج له الإمام أحمد في "المسند" حديثًا واحدًا، فقال: حدثنا يزيد بن هارون بإسناده] عن صعصعة بن معاوية عمِّ الفرزدق أنه أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقرأ عليه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}، فقال: حسبي، لا أُبالي أن [لا] أسمعَ غيرَها (¬5).
حديث النَّوَار (¬6) [زوجة الفرزدق]
[حكى أبو عَمرو الشَّيباني قال: ] كانت النَّوَار ابنة عبد الله بن أعين [بن ضُبيعة] المجاشعي، وكان قد بعثه عليٌّ - عليه السلام - إلى البصرة أيام الحَكَمين، فقتلَتْه الخوارج
¬__________
(¬1) في "طبقات فحول الشعراء" 2/ 336، و"الأغاني" 21/ 304: حلالًا لمن يبني، وفي "العقد الفريد" 5/ 383، و"مختصر تاريخ دمشق" 27/ 127 - 128: أنكحتها رماحنا.
(¬2) في "العقد الفريد" 2/ 196، و"ثمار القلوب" ص 295: هُنيدة.
(¬3) في المصدرين السابقين: كأربعتي، بدل: مثل مثالي.
(¬4) الصِّرمة: القطعة من النخل أو الإبل.
(¬5) مسند أحمد (20593). والكلام بين حاصرتين من (ص).
(¬6) بفتح النون وتخفيف الواو.

الصفحة 502