كتاب اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 10)
وأنشد سِيْبَويْهِ:
إِنَّ مَحِلًّا وإِنَّ مُرْتَحَلًا
أي: إنَّ لنا مَحِلًا.
وكأنه قال في الحديث: كأنَّ في وجهه، ولم يجيء الحذف مع المعرفة إلا نادرًا بقَرينة حالٍ، كقوله - صلى الله عليه وسلم - للمهاجرين: "أتعرفُون ذلك؟ "، يعني: الأنصار، قالوا: نعم، قال: "فإن ذلك"، أي: فإن ذلك يُشكر لهم.
ويروى: (عينه طافيةٌ) بالرفع، فهو جائزٌ، ولكن بتخفيف النون، من (كأن)، ويُروى: (أعورُ عينِهِ)، بالإضافة، فهو من باب قولهم: حسنُ وجهِه، بالإضافة، وهو بعيدٌ في القياس؛ لأنه جمعٌ بين طرَفي نقيضٍ: نقْل الضمير إلى الصفة مع بقائه في اللفظ مضافًا إليه الوجه، وإنما الأصل أن يكون الوجه مرفوعًا مع الهاء، ومنصوبًا، أو مخفوضًا مع نقل الضمير إلى الصِّفة، وقد منَعها الزَّجَّاجي، وزعم أن جميع الناس خالَف فيها سِيْبَوَيْهِ، وسِيْبَوَيْهِ لم يُجِزْها قياسًا، وإنما أخبَر أنها جاءت في الشِّعر، وأنشد:
كميت الأعالي حرسًا مصطلاها
واعترف سِيْبَوَيْهِ برداءة هذا الوجه، ولكنْ ذكَره الفالي أبو علي في غير الشِّعر، وهو ثقةٌ، في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -: (شَثْنُ الكفَّين، طَويلُ أَصابعِه)، وقال: هكذا رويتُه بالخفْض، وذكَر الهرَوي وغيره في
الصفحة 31
539