كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 10)

بابُ بيانِ حَظْرِ إهْرَاق الدَّم بِالمدينَةِ وحَمْلِ السِّلاح فِيها لِلْقِتَالِ، وقَطعِ أشجارِها، وإباحَةِ قَطْعِها لِلْعَلَف
4172 - حدَّثنا محمد بن إسحاق الصغاني، حدَّثنا حَمَّادُ بن إسماعِيل ابن عُليَّة (¬1)، حدَّثنا أبِي (¬2)، عَنْ (وُهَيب) (¬3)، عنْ يحيى بن أبِي إسْحَاقَ أنَّه
-[338]- حَدَّثَ، عن أبِي سعِيدٍ مَولَى المَهْرِيِّ، أنَّه أصابَهم بِالمدينةِ جَهْدٌ (¬4) وأنَّه أتَى أبا سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ فقالَ لةُ: إنِّي كَثِيرُ العِيَالِ، وقَدْ أصابَنَا شِدَّة، فأرَدْتُ أنْ أنفلَ عِيَالي إلى بعضِ الرِّيفِ (¬5)، فقالَ له أبو سعِيدٍ: لا تَفْعَلْ، الْزَمْ المَدِينةَ، فإنا خَرجْنا معَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أطنُّ أنَّه قال: حَتَّى قَدِمْنَا عُسْفَانَ، فأقامَ بِهَا لَياليَ فقال النَّاسُ: واللهِ ما نَحْنُ هَاهنَا في شَيءٍ، وإنَّ عِيَالِنَا لَخلُوفٌ (¬6) ومَا نأمَنُ عَلَيهِم، فَبَلَغَ ذلِكَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "مَا هذا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِكم" ما أدْرِي كيفَ قالَ: "والَّذي (أَحْلفُ بِه) (¬7) أوْ والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمت -أوْ إنْ شئْتُمْ لاَ أدْرِيْ أيُّهمَا قال- لأَمَرْت بِنَاقَتِي تُرْحَلْ ئمَّ لاَ أَحُلُّ لَها عُقْدَةً حَتَّى أَقْدِمَ المَدينةَ"
-[339]- وقال: "اللهُمَّ إنَّ إبراهِيمَ حَرَّمَ مكَّة فَجَعَلَها حَرامًا، اللَّهُمَّ وإنِّي حَرَّمْتُ المَدِينةَ حَرامًا ما بين مَأْزِمَيْهَا (¬8)، لاَ يُحْمَلُ فيها سِلاَحٌ لِقِتَالٍ ولاَ تُحْطَبُ فيهَا شَجَرَةٌ إلا لِعَلْفٍ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنا في مَدِينَتِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في صَاعِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في مُدِّنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لنَا في مَدِينتِنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَعَ البَرَكَةِ بَرَكَتَيْنِ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنَ المَدينَةِ منْ شِعْبٍ (¬9) ولا نَقْبٍ (¬10) إلَّا عليه مَلَكَانِ يَحْرُسَانِه حَتَّى تَقْدَمُوا إِلَيْهَا" ثُمَّ قالَ لِلنَّاسِ: "ارتحِلُوا" فَارتحَلْنَا وَأَقْبَلْنَا إِلَى المَدِينَةِ، فَوَالَّذي يُحْلَفُ بِه أوْ نَحْلِفُ -شَكَّ حمَّاد في هذه الكلِمَة- مَا وَضَعْنَا رِحَالَنَا حَتى دَخَلْنَا المَدِينَةَ، حَتَّى أغَارَ علينَا بَنُو عبد الله بن غَطَفَانَ (¬11)
-[340]- ومَا يَهِيْجُهُم (¬12) قَبْلَ ذَلِكَ شَيْءٌ (¬13).
¬_________
(¬1) موضع الالتقاء مع مسلم.
(¬2) إسماعيل بن عُلَيَّة.
(¬3) تصحَّف ما بين القوسين في نسخة (م) إلى "وهب"، والتصويب من إتحاف المهرة =
-[338]- = (5/ 475، ح 5801).
(¬4) جَهْدٌ: -بفتح الجيم وسكون الهاء- الشِّدَّةُ في الحال.
انظر: مشارق الأنوار (1/ 161).
(¬5) الرِّيف: -بكسر الراء- ما قارب الماء من أرض العرب أو غيرها حيثُ الخصب والسَّعة في المأكل والمشرب.
انظر: مشارق الأنوار (1/ 304).
(¬6) خُلُوفٌ: أي قَدْ غَابَ رِجَالهُم، يقالُ: حَيُّ خُلُوفٌ -بِضَمِّ الخَاءِ- إذا غَابَ رِجَالُهم عَنْ نِسائِهم.
انظر: مشارق الأنوار (1/ 237).
(¬7) في نسخة (م) "والذي حلف" ولا يستقيم معناه، والتصويب من لفظ مسلم.
(¬8) مَأزِمَيْهَا: المَأزِمُ المَضِيقُ في الجِبالِ؛ حيثُ يلتَقِي بعضُها ببعضٍ ويتَّسِعُ ما وراءَهُ، والِميمُ زائِدةٌ وكأنَّه مِنَ الأَزْمَ؛ القُوَّةُ والشِّدَّةُ.
انظر: النهاية في غريب الحديث (4/ 288).
(¬9) الشِّعب: -بِكَسْرِ الشِّين- الطريق بين الجبلين، أو ما انفرج بين الجبلين.
انظر: مشَارِق الأَنوار (2/ 25، 254).
(¬10) النَّقْب: -بفتح النون وسكون القاف- الطريق بين الجَبلين، وهو قريبُ المعنى من الشِّعب.
انظر: مشارق الأنوار (2/ 25).
(¬11) غَطَفَان: -بفتح الغين والطاء المهملة والفاء وبعد الألف نون- قبيلةٌ كبيرة من قيس عيلان، وهو غطفان بن سعد بن قيس عيلان، نزلت الكُوفة.
انظر: اللُّباب (2/ 386)، الأنساب (4/ 302).
(¬12) يَهِيجُهم: يقال: هاج الشَّرُّ وهاجه النَّاس، إذا ثار وتحرَّك وحرَّكه الناسُ، ومعنى الجُملة في الحديث: أنَّ بني غطفان لم يكن يمنعُهم من الهُجوم على المدينة أمرٌ ظاهر قبل أن نَقدِم المدينة، كما لم يكن لهم عدوٌّ يهيجهم فيشتغلون به عن الإغارة على المدينة قبل قدومنا.
انظر: مشارق الأنوار (2/ 274)، النهاية (5/ 285).
(¬13) أخرجه مسلم في كتاب الحجِّ -باب الترغيب في سكنى المدينة والصَّبر على لأوائها (2/ 1001، ح 475) عن حمَّاد بن إسماعيل بن عُلَيَّة به.
من فوائد الاستخراج: التقاء المصنِّف مع مسلم في شيخه، وهذا "موافقة".

الصفحة 337