كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 10)

3874 - حدَّثنا محمد بن حيَّويه، حدَّثنا عبد الله بن مَسْلَمَة القعنبي، حدَّثنا سُليمان بن بلال، عن جَعْفَر بن محمد (¬1)، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله أنَّه حدَّثه قال: أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِالمدينة تِسعَ سِنين لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ في النَّاسِ بِالحجِّ، ثُمَّ خرجَ فخرجتُ معه حتَّى أتَى ذَا الحُليْفَة فباتَ بِهَا حتَّى أصْبَحَ، فلمَّا صلَّى الصُّبْحَ بِهَا ركبَ حتَّى إذا كانَ بظاهرِ البَيْدَاءِ واسْتَوَتْ أخفافُها، واعتدلتْ صُدُورُها، ونظرتُ إلى النَّاس مدَّ بصرِي أمامي وخلْفِي، وعن يَمِيْنِي وعن شِمَالي،
-[41]- ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينَ أظهُرِنَا عليه يَنْزِلُ القرآن، وهو يعلم تأويلَه، فنحنُ نَنْظُرُ ما يصنعُ فنصنعه، أهلَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهلَلْنا معه، ثمَّ خرجْنَا حتَّى قدمْنَا مكَّة، فلمَّا دخلْنَا المسجِدَ استلَمَ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- الرُّكنَ، ثمَّ سَعَى ثلاثةَ أطْوافٍ ومشَى أربعةً، ثُمَّ عَمَد إلى مَقَام إبراهيم عليه السلام، وتلا هذه الآية حين وَجَه إليه: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (¬2) فصلَّى عنده ركعتين، فقرأ فيهما {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ ...} (¬3) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ...} (¬4) ثمَّ انصرَفَ إلى زمزم فنَزَعَ له منها ماءً فشرِب وغَسَلَ وجْهَه وصَبَّ على رأسِه، ثُمَّ جاء إلى الرُّكْنِ الأسودِ فاستَلَمَه، ثُمَّ خرجَ مِنَ البابِ الذي وِجَاهَ الرُّكنِ الأسود الذي عِنْدَ بابِ بني مَخْزُوم (¬5) الذي يخْرِجُه على الصَّفا فلما جاء الصَّفا قال: "نبدأُ بِمَا بدأَ الله به" وذكر الحديثَ بِطُولِه (¬6).
¬_________
(¬1) موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح /3870، 3871، 3872.
(¬2) سورة البقرة، الآية 125.
(¬3) سورة الكافرون، الآية 1.
(¬4) سورة الإخلاص، الآية 1.
(¬5) ويسمَّى حاليا باب الصفا، وإنما سُمِّي بباب بني مخزوم، لأنهم كانوا يسكنون في تلك الجهة. انظر: الأطلس التاريخي للعالم الإسلامي (ص 67)، أطلس السيرة النبوية (ص 257).
(¬6) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3/ 394) عن موسى بن داود، عن سليمان بن بلال به مختصرا بلفظ: "أنَّ النبَّيَّ -صلى الله عليه وسلم- رمل ثلاثة أطواف من الحجر إلى الحجر، وصلَّى ركعتين ثُمَّ عاد إلى الحجر، ثم ذهب إلى زمزم فشرِبَ منها وصبَّ على رأسِه ثُمَّ رجع فاستلم الرُّكن ثُمَّ رَجَعَ إلى الصَّفا فقال ابدؤوا بما بدأ الله عز وجل به"، قال شُعيب =
-[42]- = الأرنؤوط: "إسناده صحيح على شرط مسلم"، وجود إسناده الحافظ العيني في عمدة القاري (9/ 277).
والحديث قطعةٌ أخرى من حديث جابر الطويل في الحج، وقد فرقه أبو عوانة في مواضع كما بينتُه سابقا، وستأتي قطعةٌ أخرى منه بالإسناد نفسه في ح / 3911، وأخرجه مسلم مطوَّلا (2/ 886 ح 147) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وإسحق ابن إبراهيم، كلاهما عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد به، غيرَ أن أبا عوانة زاد على مسلم في هذا الحديث زيادتين:
الأولى: قوله: "فباتَ بها حتَّى أصْبَحَ".
الثانية: قوله: "ثُمَّ انصرَفَ إلى زمزم فنَزَعَ له منها ماءً فشرِب وغَسَلَ وجْهَه وصَبَّ على رأسِه".
ولم أقفْ على من تابعَ سُليمانَ بن بِلال على هاتين الزِّيادتين عن جعفر ابن محمد، ويدخل مثلُ هذا في زياداتِ الثِّقات، والزيادة الأولى يشهد لها حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- عند البخاري في صحيحه في كتاب الحج -باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الرُّكوب على الدابة (ص 251 ح 1551) بلفظ: "صلَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن معه بالمدينة الظُّهر أربعًا والعصرَ بذي الحليفة ركعتين، ثُم بات بها حتى أصبح، ثُمَّ ركب حتَّى استوتْ به على البَيْدَاء حمِدَ الله وسبَّح وكبَّر ثُمَ أهلَّ بِحَج وعُمْرةٍ وأهَلَّ النَّاسُ بهمَا".
من فوائد الاستخراج:
• زاد المصنِّف في هذا الباب طريقين عن جعفر بن محمد، طريق ابن جريج، وطريق سليمان بن بلال.
• زاد المصنِّف زيادتين صحيحتين في متن الحديثِ على صاحب الأصل.

الصفحة 40