كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 10)

أصبعين, ففي كون ذلك كذلك, ولزوم حكومة لما يقابل الأصبعين المقطوعتين, قولا سحنون مع ابن القاسم وأشهب وابن الماجشون.
وفي جراحاتها من قطعت إبهامه؛ فأخذ دية الأصبع, ثم قطع العقد الباقي من الإبهام في الكف؛ ففيه حكومة, وإن لم يكن في الكف أصبع, فعلى من قطعها أو بعضها حكومة.
ابن الحاجب: ولو قطع من المرفق؛ لم يجز من الكوع ولو رضيا.
قلت: هو في النوادر عن الواضحة معزو للأخوين وأصبغ, وقبله الشيخ وغيره, وفيه نظر من وجهين:
الأول: الدليل العام؛ وهو الإجماع على وجوب ارتكاب أخف ضرر بدفع ما هو أضر منه من نعه, وضرر القطع من الكوع أخف منه من المرفق ضرورة, وقد قال ابن رشد: إذا لزم أحد ضررين؛ وجب ارتكاب أخفهما قاله في أجوبته.
والثاني: دليل ما في سماع عبد الملك, قال: أخبرني من أثق به من أصحابي عن ابن وهب أو عن أشهب: فيمن ذهب بعض كفه بريشة خرجت في يده, يخاف على ما بقي من يده منها, فقيل له: اقطع يدك من المفصل, إن كان لا يخاف عليه الموت من قطعه فلا بأس.
ابن رشد: إن لم يخف, إذا لم يقطع يده من المفصل إلا على ما بقي من يده؛ لم يجز قطعها من المفصل إن خيف عليه منه الموت, وإن خشي إن لم يقطع يده من المفصل؛ أن يترامى أمر الريشة إلى موته منها, فله قطعها من المفصل, وإن كان مخوفًا, إن كان الخوف عليه من الريشة أكثر.
وقد أجاز مالك فيها لم أحرق العد سفينته, يخرج نفسه في البحر, وإن علم أن فيه هلاكه, ولا خلاف في أنه يجوز له أن يف من أمر يخاف منه الموت إلى أمر يرجو فيه النجاة وإن لم يأمن منه الموت.
وفيها: لو أصيبت يد رجل أو عينه خطأ, فضعفت فأخذ لها عقلًا, إلا أن يبطش ويعمل ويبصر بالعين, ثم أصابها رجل عمدًا؛ ففيها القود بخلاف الدية.

الصفحة 51