كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 10)

وإن أصابه في غيره, ثم لجأ إليه لم يكلم ولم يجالس لم يؤو, حتى يخرج منه؛ فيقام عليه الحد, وقيل: إذا لجأ إليه أخرج منه فأقيم عليه.
قلت: ما عزاه لفقهاء الأمصار, خلاف نقل ابن القصار وعبد الوهاب وغيرهما, قال ابن القصار: قال أبو حنيفة: إن قتل في الحرم قتل فيه, وإن قتل في الحل ثم لجأ إلى الحرم, لم يقتل ولم يخرج منه, ولكن يهج ولا يبايع ولا يؤوى, حتى يضطر للخروج فيقتل ووافقنا في الطرف, ويؤخر العقل والقود سنة.
وفيها: يؤخر بالمقطوع الحشفة, حتى يبرأ, إلا أن مالكًا قال: ولا يقاد من جرح اعمد, ولا يعقل في الخطأ إلا بعد البرء, وإن طلب المقطوع الحشفة حتى يبرأ, إلا أن مالكًا قال: لا يقاد من جرح العمد تعجيل فرض في الدية, إذ لابد منها, ولو عاش لم يكن له ذلك لعل أنثييه, أو غيرهما تذهب من ذلك, وكذا في الموضحة والمأمومة, وتؤخر العين سنة, فإن مضت ولم تبرأ انتظر برؤها ولا يكون قود ولا دية, إلا بعد البرء, وإن ضربت فسال دمعها, انتظر بها سنة, فإن لم يرقأ دمعها ففيها حكومة, ومثله في الموطأ.
الباجي: لأنه قد يؤول إلى النفس فيعود القد ثانيا, وهو خروج عن المماثلة.
قلت: عزا هذا التعليل الصقلي لأشهب, وفي سماع أصبغ قال أشهب: يستأنى بذهاب العقل سنة.
ابن رشد: الوجه في ذلك أن تمر عليه الفصول الأربع, ولا خلاف في انتظاره سنة, إنما اختلف في الجراح, قيل: ينتظر بها سنة ولو برئت قبلها, فإن مضت ولم تبرأ انتظر برؤها بعدها, هذا مذهب المدونة.
وقال ابن حبيب: إن برئت قبل السنة, لم ينتظر تمامها إلا أن تبرأ على عثل, فإن برأت عليه انتظر تمامها, ولا ينتظر بها بعد السنة, ويحكم بالقود عند تمامها, فإن ترامى الجرح لذهاب عضو, نظر فيه, كما لو حكم بالقود بعد البرء, ولم ذكر الباجي رواية ابن القاسم كابن وهب, قال: وقال أشهب: إن مضت السنة والجرح بحاله عقل مكانه, المغيرة: لم أسمع فيه توقيتًا.

الصفحة 65