كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 10)

المنافق: محمد رسول الله. فإنه يصح أن يقال: صدق. لكون المخبَر عنه كذلك، ويصح أن يقال: كذب. لمخالفة قوله الضمير. والصدِّيق من كثر منه لصدق، وقد يستعمل الصدق والكذب في كل ما يحق في الاعتقاد ويحصل؛ نحو: صدق ظني. وفي الفعل، نحو: صدق في القتال. ومنه: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} (¬1) انتهى ملخصًا. وهذا كلام الراغب موافق لقول الجمهور: إن الصدق ما طابق الواقع، والكذب ما خالف الواقع، إلا أن الواقع له اعتباران؛ واقع بالنظر إلى اعتقاده، وواقع بالنظر إلى نفس الأمر، فمثل قوله - صلى الله عليه وسلم - في جواب ذي اليدين: "كل ذلك لم يكن". أي في الواقع بالنظر إلى ظنه (¬2)، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)} (¬3) أي الواقع بالنظر على اعتقادهم وظنهم الباطل، فلا يكون الصدق حينئذٍ إلا طابق الواقع، ولا يكون الكذب إلا ما خالف الواقع.
وقوله: "يَهدي". بفتح الياء، من الهداية، وهي الدلالة الموصلة إلى المطلوب.
قوله: "إلى البر" بكسر البال الموحدة , وأصله التوسع في فعل الخيرات , وهو اسم جامع اللخيرات كلها ,ويطلق على العمل الصالح الخالص الدائم.
وقوله: "وإن البر". إلى آخره. قال ابن بطال (¬4): مصداقه قوله تعالى:
¬__________
(¬1) الآية 105 من سورة الصافات.
(¬2) مسلم 1/ 404 ح 573/ 99.
(¬3) الآية 1 من سورة المنافقون.
(¬4) شرح البخاري 9/ 280.

الصفحة 347