وحديث ابن مسعود رفعه: "سلوا (أ) الله من فضله؛ فإن الله يحب أن يسأل". أخرجه التِّرمذيُّ (¬1)، وحديث ابن عمر رفعه: "إن الدعاء ينفع ممَّا نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء". وفي سنده لين، وقد صححه مع ذلك الحاكم (¬2)، وأخرج الطّبرانيّ في "الدعاء" (¬3) بسند رجاله ثقات إلَّا أن فيه عنعنة بقية (¬4) عن عائشة مرفوعًا: "إن الله يحب الملحين في الدعاء". وذهب طائفة إلى أن ترك الدعاء والاستسلام للقضاء أفضل، وتأولوا الآية الكريمة بأن المراد بالدعاء العبادة؛ لقوله في آخر الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} (¬5). ولحديث النُّعمان بن بشير عن النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - قال: "الدعاء هو العبادة". ثم قرأ الآية. أخرجه الأربعة وصححه التِّرمذيُّ والحاكم (¬6). وأجاب الجمهور أن الدعاء من أعظم العبادة فأطلق في آخر الآية العبادة على الدعاء لما كان الدعاء ركنها الأعظم، كقوله: "الحج عرفة" (¬7). وقال الإمام تقي الدين السبكي رحمه الله (¬8): إن العبادة تشمل الدعاء فهي
¬__________
(أ) في جـ: سألوا.
__________
(¬1) التِّرمذيُّ 5/ 528 ح 3571.
(¬2) الحاكم 1/ 493.
(¬3) الدعاء 2/ 794، 795 ح 20.
(¬4) تقدمت ترجمته في 1/ 122.
(¬5) الآية 60 من سورة غافر.
(¬6) أبو داود 1/ 77 ح 1479، والترمذي 5/ 194، 195 ح 2969، والنَّسائيُّ في الكبرى 6/ 450 ح 11464، وابن ماجه 2/ 1258 ح 8328، والحاكم 1/ 490، 491.
(¬7) تقدم تخريجه في 5/ 332.
(¬8) الفتح 11/ 95.