كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 10)

عنه (¬1) من وجه آخر قال: المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك، والاستسقاء أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال أن تمد يديك جميعًا. وأخرج الطبري (¬2) من وجه آخر عنه قال: يرفع يديه حتى يجاوز بهما رأسه. وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" (¬3) عن ابن عمر من طريق القاسم بن محمد: رأيت ابن عمر يدعو عند القاص، يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، باطنهما مما يليه، وظاهرهما مما يلي وجهه.
واعلم أن الدعاء يتأكد استحبابه عقيب الصلوات، وقد روى الترمذي (¬4) من حديث أبي أمامة قال: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل، وأدبار الصلوات المكتوبات". وعقد البخاري في "الصحيح": باب الدعاء بعد الصلوات المكتوبات (¬5).
وزعم بعض العلماء أن الدعاء بعد الصلاة لا يشرع، متمسكًا بالحديث الذي أخرجه مسلم (¬6) من رواية عبد الله بن الحارث عن عائشة رضي الله عنهما: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يلبث إلا قدر ما يقول: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام". وقال ابن القيم في "الهدي النبوي" (¬7): وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة سواء الإمام
¬__________
(¬1) أبو داود 2/ 79 ح 1489.
(¬2) ينظر تفسير القرطبي 11/ 337، والفتح 11/ 143.
(¬3) ينظر الفتح 11/ 143.
(¬4) الترمذي 5/ 526 ح 3499.
(¬5) الفتح 11/ 132.
(¬6) مسلم 1/ 414 ح 591.
(¬7) زاد المعاد 1/ 257.

الصفحة 444