كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 10)

الهوى، والله تعالى يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} (¬1). وقد جاء في حديث أبي هريرة: "عليك بطريق قوم إذا فزع الناس أمِّنُوا". قلت: من هم يا رسول الله؟ قال: "هم قوم تركوا الدنيا فلم يكن في قلوبهم ما يشغلهم عن الله، قد أجهدوا أبدانهم، وذبحوا نفوسهم في طلب رضا الله" الحديث. فذكر من صفات هؤلاء الموصِي بمتابعتهم ذبح النفوس، فدل ذلك على عظم ما بذلوا نفوسهم لتحصيله وأنهكوها في رضا الله سبحانه، حتى صارت كأنها مذبوحة، فالحاكم المجتهد في إنفاذ ما (أ) أمر الله به (أ) سبحانه له هذه الفضيلة المضاهية لفضيلة الشهداء الذين لهم الجنة. والله سبحانه أعلم.

1158 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة". رواه البخاري (¬2).
قوله: "على الإمارة". يدخل فيها الإمارة العظمى وهي الخلافة، والصغرى وهي الولاية على بعض البلاد، وهذا من أعلام النبوة؛ للإخبار به قبل وقوعه، ووقع كما أخبر به.
وقوله: "ندامة". أي على من لا يعمل فيها بما ينبغي. وزاد في رواية
¬__________
(أ) ساقطة من: جـ.
__________
(¬1) الآية 69 من سورة العنكبوت.
(¬2) البخاري، كتاب الأحكام، باب ما يكره من الحرص على الإمارة، 13/ 125 ح 7148.

الصفحة 8