كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 10)

الطلاق بائنًا (وأبو ولدك) الولد بفتحتين يطلق على الذكر والأنثى والمثنى والمجموع فعيل بمعنى مفعول, وفي مراجعة أم الأولاد مصلحة من جهات.
(قالت: يا رسول الله، تأمرني) حذف همزة الاستفهام يعني: أتأمرني بمراجعته (بذلك؟ قال: لا إنما أنا شافع) زاد البخاري: قالت: لا حاجة لي (¬1). فيه دليل على أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مخالف لشفاعته وأمره - صلى الله عليه وسلم - أبلغ، فإنه على الوجوب عند أكثر الفقهاء، وفيه شفاعة الإمام إلى الرعية، وهو من مكارم الأخلاق.
وفيه دليل على أن هذِه المراجعة غير الرجعية التي تكون بين الزوجين في الطلاق الرجعي، ولهذا احتاج إلى الشفاعة (فكان) زاد البخاري: يطوف خلفها يبكي، و (دموعه تسيل على خده) أي: خديه، فهو مفرد قائم مقام التثنية؛ إذ الرجل له خدان يسيل على كل خد دمع، فهو نظير قوله في بانت سعاد:
مِن كُلِّ نَضَّاخَةِ الذَّفرى إذا عَرِقَت ... عُرْضتُها طامِسُ الأعلامِ مجهولُ (¬2)
ومنه قول الشاعر:
ألا إنَّ عينًا لم تَجُد يوم واسط ... عليكَ بجارِي دَمعها لَجَمودُ (¬3)
¬__________
(¬1) "صحيح البخاري" (5283).
(¬2) انظر: "جمهرة أشعار العرب" ص 283. والقصيدة لكعب بن زهير بن أبي سلمى.
(¬3) انظر: "شرح ديوان الحماسة" للمرزوقي ص 566، وعزاه لأبي عطاء السندي.

الصفحة 16