كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 10)

وعن أم سلمة قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان (¬1).
فإن قيل: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخص شعبان بصيام التطوع فيه مع أنَّه قال: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم".
فالجواب: أن جماعة أجابوا عن ذلك بأجوبة غير قوية لاعتقادهم أن صيام المحرم أفضل من شعبان كما صرح به الشافعية وغيرهم كما قال النووي: أفضل الأشهر للصوم بعد رمضان الأشهر الحرم، وأفضلها المحرم، ويلي المحرم في الفضيلة شعبان (¬2).
والأظهر - كما قال بعض الشافعية والحنابلة وغيرهم - أن أفضل الصيام بعد شهر رمضان شعبان؛ لمحافظته - صلى الله عليه وسلم - على صومه أو صوم أكثره، ويدل على ذلك ما خرجه الترمذي من حديث أنس: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: "شعبان". تعظيمًا لرمضان (¬3). وذلك لأنه يلي رمضان قبله كما فضل (¬4) شوال لكونه يلي رمضان بعده؛ لما روى ابن ماجه أن أسامة كان يصوم الأشهر الحرم، فقال له رسول الله: "صم شوالًا" (¬5) فترك الأشهر الحرم وصام شوالا حتى مات (¬6). وفي إسناده إرسال، وقد روي من وجه آخر يعضده.
¬__________
(¬1) أخرجه الترمذي في "سننه" (736)، والنسائيُّ في "سننه" (2175).
(¬2) "المجموع" 6/ 387.
(¬3) "سنن الترمذي" (663).
(¬4) في (ر): فعل هو.
(¬5) في الأصلين: هنا. وفي الموضع التالي: شوال. والمثبت من "السنن" وهو الجادة.
(¬6) "سنن ابن ماجه" (1744).

الصفحة 541