كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 10)

أصحابه وخاصته (لا يفطر) رواية البخاري: حتى يقول القائل: لا والله لا يفطر (¬1). ورواية البخاري: ما أحب أن أراه من الشهر صائمًا إلا رأيته (¬2). يعني: أن حاله في التطوع بالصيام كان يختلف كما يختلف حاله بقيام الليل، فكان تارةً يصوم من أول الشهر وتارةً من وسطه وتارةً من آخره، وفي رواية: كان يصوم حتى يقولوا: لا يريد أن يفطر (¬3).
(ويفطر حتى نقول) يجوز أن يكون هذا شاهدًا على لغة سليم التي حكاها ابن مالك في "التسهيل" و"الألفية" وغيرهما أن يجري القول مجرى الظن مطلقًا. أي: ليس مشروطًا فيه أن يلي استفهامًا، وأن لا ينفصل بين الاستفهام والفعل، بل يعمل الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل والمصدر، بل يعمل مطلقًا (¬4). وعلى هذا فقوله (لا يصوم) جملة في موضع نصب على المفعول الثاني، والتقدير: يصوم (¬5) حتى نظنه لا يفطر بعدها، ويفطر حتى نظنه لا يصوم بعدها، أي: من كثرة ذلك (وَما رَأيْتُ رَسُولَ اللِّه اسْتَكْمَلَ صِيامَ شَهْرٍ قَطُّ إلاَّ رَمَضانَ) وفي رواية أبي داود الطيالسي: ما صام شهرًا تامّا منذ قدم
¬__________
=انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص 181، "الحجة في القراءات السبع" لابن خالويه 1/ 95 - 96.
(¬1) "صحيح البخاري" (1971).
(¬2) "صحيح البخاري" (1973).
(¬3) "سنن الترمذي" (769).
(¬4) قال ابن مالك في "الألفية" ص 24:
وَأُجْرِي القَوْلُ كَظَن مُطْلَقَا ... عِنْدَ سُلَيْمٍ نَحْوُ قُلْ ذَا مُشْفِقَا
(¬5) زيادة من (ل).

الصفحة 548