كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 10)

في الجاهلية) يدل على أن صيام هذا اليوم كان عندهم معلوم (المشروعية) (¬1) والقدر، ولعلهم كانوا يستندون في صومه إلى أنه من شريعة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وأنهم كانوا ينتسبون إليهما ويستندون في كثير من أحكام الحج وغيره إليهما. (وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصومه في الجاهلية) يحتمل أن يكون بحكم الموافقة لهم عليه كما وافقهم على أن حج معهم على ما كانوا يحجون أي حجته الأولى التي حجها قبل هجرته، وقيل: فرض الحج إذ كل ذلك فعل خير.
ويؤخذ منه أنه -صلى الله عليه وسلم- كان متمسكًا قبل البعث بشريعة إبراهيم-عليه السلام-. قال القرطبي بعدما حكى الأول: ويمكن أن الله أذن له في صيامه فلما قدم المدينة وجد اليهود يصومون فسألهم عن الحامل لهم على صومه (¬2). كما سيأتي بعده. (فلما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة) وجدهم يصومونه (صامه وأمر بصيامه) أي: أوجب صيامه، وأكد (¬3) أمره عندهم حتى كانوا يُصوِّمون الصغار وتصنع لهم اللعبة من العهن وهو الصوف الأحمر ويلهيهم بشغلهم.
(فلما نزل فرض رمضان) ونسخ وجوب صوم يوم عاشوراء (كان هو الفريضة) الناسخة لما قبلها المستمر ثبوتها (وتُرك) صيام (عاشوراء) وقال: "إن الله لم يكتب صيام هذا اليوم" (¬4). وخير في صومه وفطره
¬__________
(¬1) في (ر): الشرعية، والمثبت من (ل).
(¬2) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" 3/ 191.
(¬3) في النسخ الخطية: وكذا. والمثبت من "المفهم".
(¬4) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 299، ورواه البخاري (2003) ومسلم (1129) بنحوه.

الصفحة 568