كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 10)

النضر بن كنانة (وغيره، عن) محمد (بن شهاب، عن سهل بن سعد في هذا الخبر) و (قال) فيه: (فطلقها ثلاث تطليقات عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) استُدِلَّ به على أنه لا يتعلق باللعان فرقة، وإنما حصلت الفرقة هنا بالطلاق الثلاث، قال: فلو وقعت الفرقة باللعان لما قال في هذا الحديث: فأنفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا لا يصح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرق بين المتلاعنين كما في الحديث الصحيح الذي لا دافع له، وقوله في هذا الحديث: فأنفذه أي: أنفذ الفرقة المتعلقة باللعان، لا أنه أنفذ الطلاق.
(وكان ما صنع عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة) فيه التصريح بأن ما صنع في حضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكره يكون سنة، والمشهور عند الأصوليين أنه يدل على جوازه ولم يسمحوا بأنه يكون سنة، ولعل المراد بالسنة هنا السنة بين المتلاعنين كما سيأتي بعده.
(قال سهل) بن سعد: (حضرت هذا عند رسول الله فمضت السنة بعد) بضم الدال، على أنه لما حذف المضاف إليه بني على الضم، أي: بعد التطليقات الثلاث (في المتلاعنين) كلما وجد (أن يفرَّق بينهما) أي: يفرق الحاكم بينهما، استدل به أبو حنيفة على أن الفرقة بينهما لا بد فيها من تفريق الحاكم والقاضي بالحديث المتقدم: طلقها ثلاث تطليقات فأنفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1)، ومذهب الشافعي والجمهور: الفرقة تتعلق بلعان الزوج (¬2). وأجيب عن هذا الحديث بأنه يحتمل أن المراد به أن يفرق
¬__________
(¬1) "المبسوط" 7/ 46.
(¬2) "الحاوي الكبير" 8/ 159.

الصفحة 58