كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 10)

(عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر) جمع آخرة؛ لأن العشر مؤنث، وإنما جمع باعتبار العشرين الذين قبله، وفي رواية في "الصحيح": العشر الآخر (من رمضان).
فيه دليل على تأكيد استحباب اعتكاف العشر الآخر، فمن رغب في إقامة هذِه السنة، فينبغي أن يدخل المسجد قبل غروب الشمس ليلة الحادي والعشرين؛ لئلا يفوته شيء منه ويخرج بعد غروب الشمس ليلة العيد، سواء تم الشهر أو نقص، والأفضل أن يمكث فيه ليلة العيد حتى يصلي فيه صلاة العيد، أو يخرج منه إلى المصلى لصلاة العيد ويحيى تلك الليلة، والمقتضي لتأكيد الاعتكاف في العشر الأخير طلب ليلة القدر.
(حتى قبضه الله تعالى) فيه دليل على أن اعتكافه لم ينسخ، بل استمر حكمه إلى أن توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- (¬1)، وفي مواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه ما يدل على تأكده، وزاد ابن ماجه (¬2) في رواية عن ابن عمر: كان إذا اعتكف طرح له فراشه وراء أسطوانة.
(ثم اعتكف أزواجه من بعده) فيه: أن الاعتكاف ليس من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل هو مسنون له ولمن بعده رجلًا كان أو امرأة، وهو حجة على من منع اعتكاف النساء في المسجد؛ فإنهن إنما اعتكفن على نحو ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف؛ لأن الراوي عنهن ساق اعتكاف النبي -صلى الله عليه وسلم-
¬__________
(¬1) ساقطة من (ر).
(¬2) "سنن ابن ماجه" (1774).

الصفحة 609