كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 10)

وفي رواية هشيم: فقالا: يا رسول الله هل نظن بذلك إلا خيرًا (¬1)؟ وفيه: دليل على قول سبحان الله عند التعجب، وقد وقعت في الحديث لتعظيم الأمر وتهويله وللحياء من ذكره.
(قال: فإن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم) المراد جنس أولاد آدم، فيدخل فيه الرجال والنساء؛ لقوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ}، وقوله: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ} بلفظ الذكور إلا أن العرف عممه فأدخل فيه النساء (فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا أو قال شرًّا) بالشين المعجمة والراء وهي رواية مسلم (¬2)، وأحمد (¬3) وفي رواية للبخاري: سوءًا بالمد.
[2471] (حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري بإسناده بهذا قالت: حتى إذا كان عند باب المسجد الذي عند باب أم سلمة مر بهما رجلان وساق معناه) والحاصل من هذِه الروايات أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينسبهما إلى (¬4) أنهما يظنان به سوءًا لما تقرر عنده من صدق إيمانهما، ولكن خشي عليهما أن يوسوس لهما الشيطان ذلك؛ لأنهما غير معصومين، وقد يفضي بهما ذلك إلى الهلاك فبادر إلى إعلامهما حسمًا للمادة وتعليمًا لمن بعده إذا وقع له مثل ذلك كما قال الشافعي، فقد روى الحاكم أن الشافعي كان في مجلس ابن عيينة فسأله عن هذا الحديث فقال الشافعي: إنما قال لهما
¬__________
(¬1) وكذا أوردها أيضًا الحافظ في "الفتح" ولم أقف عليها.
(¬2) "صحيح مسلم" (2175).
(¬3) "مسند أحمد" 6/ 337.
(¬4) زيادة من (ل).

الصفحة 628