كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 10)

وثالثها: وبه قال أبو حنيفة (¬1) والمزني (¬2) وأصحاب أحمد (¬3) أنه يفسد إن اقترن بها إنزال وإلا فلا، قال الرافعي: والمفهوم من كلام الأصحاب بعد الفحص عنه أن هذا القول أرجح (¬4).
وإذا قلنا بالصحيح لا يفسد فيكره له اللمس بشهوة، ولا يفسد اعتكافه؛ لأنها مباشرة لا يبطل الحج بها فلا يبطل الاعتكاف كالقبلة ولا يكره اللمس بغير شهوة ولا التقبيل على سبيل الشفقة والإكرام المصالحة عند الغيظ أو عند قدومها من السفر ونحوه؛ لأن عائشة كان النبي -صلى الله عليه وسلم-[يدني إليها] (¬5) رأسه فتغسله وتمشطه، ولا يخلو ذلك عن مس. وأما قوله في الحديث: "لا يمس امرأته" فمحمول على المس بشهوة، والله أعلم.
(ولا يباشرها) أي: فيما دون الفرج بشهوة كما تقدم، وأما المباشرة في الفرج فإن جامع في الفرج عالمًا بتحريمه ذاكرًا للاعتكاف بطل اعتكافه إجماعًا للحديث ولقوله تعالى {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (¬6) سواء جامع في المسجد أو في غيره حيث خرج لعذر كقضاء الحاجة.
وفيه وجه أنه لا يبطل إذا جامع في حال خروجه لعذر من غير مكث،
¬__________
(¬1) "الأصل" 2/ 286.
(¬2) "مختصر المزني" على حاشية "الأم" 8/ 157 ط. دار المعرفة.
(¬3) "المغني" 4/ 473.
(¬4) "العزيز شرح الوجيز" للرافعي 6/ 482.
(¬5) في (ر) يمد في النهار، والمثبت من (ل).
(¬6) البقرة: 187.

الصفحة 637