كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 10)

يصح به النذر ولو لم يضفه لله تعالى وهو المذهب؛ لأن العبادات ينوي بها الله وإن لم يذكر (في الجاهلية) فيه: أن النذر واليمين ينعقدان في الكفر حتى يجب الوفاء بهما إذا أسلم، وأنه إذا نذر أو حلف لا يكلم إنسانًا وكان ذلك في كفره في الجاهلية ثم أسلم يلزمه الوفاء به، ويلتحق اليمين بالنذر لاشتراكهما في التعليق، والصحيح من مذهب الشافعي أنه لا يصح نذر الكافر (¬1)، وهو مذهب الجمهور؛ لأنه قربة والكافر ليس من أهلها.
وقد اختلف في الجواب عن هذا الحديث، فقال ابن العربي في "القبس" (¬2): لما نذر عمر في الجاهلية وأسلم أراد أن يكون مثله في الإسلام، ونواه، فأمره أن يأتي به وإن لم يتلفظ (¬3).
وفي هذا نظر، فإن عمر إنما ذكر مجرد إخباره في حال الجاهلية، وليس فيه ما يدل على نية في الإسلام، وإذا ثبت لنا على أنه نوى قلنا: إن مجرد النية لا توجب اعتكافًا ولا غيره من العبادات، فإنها لا تلزم إلا بالقول، وأوله ابن دقيق العيد بأنه أمر أن يأتي باعتكاف يوم يشبه ما نذر لئلا يخل بعبادة نوى فعلها، فأطلق عليه أنه منذور لشبهه بالمنذور (¬4).
(ليلة) فيه دليل على أنه يصح اعتكاف الليل وحده، والقديم لا
¬__________
(¬1) "التنبيه" ص 84، و"المهذب" 1/ 440.
(¬2) "القبس" ص 659.
(¬3) انظر: "فتح الباري" لابن حجر 11/ 583.
(¬4) "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" ص 427.

الصفحة 642