كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 10)

العَرِيش (¬١)، فدَخَله ومعه أبو بكر ليس معه فيه غيره، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يناشد ربه ما وعده من النصر، ويقول فيما يقول: «اللهم، إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تُعْبَد». وأبو بكر يقول: يا نبيَّ الله، بعض مناشدتك ربك، فإنّ الله منجز لك ما وعدك. وقد خَفَق (¬٢) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَفْقَةً وهو في العَرِيش، ثم انْتَبَه، فقال: «أبْشِرْ، يا أبا بكر، أتاك نصرُ الله، هذا جبريل آخِذٌ بعِنان فرسٍ يقوده، على ثَناياه النَّقْعُ» (¬٣). (٧/ ١٣٨)


{وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ}
٣١٠٣٤ - عن عبد الله بن مسعود -من طريق أبي عبيدة- قال: لقد قُلِّلوا في أعْيُنِنا يوم بدر، حتى قلتُ لرجلٍ إلى جَنْبي: تُراهم سبعين؟ قال: لا، بل هم مائة. حتى أخَذْنا رجلًا منهم، فسَأَلْناه، قال: كُنّا ألفًا (¬٤) [٢٨٢٩]. (٧/ ١٣٩)

٣١٠٣٥ - عن عَبّاد بن عبد الله بن الزبير -من طريق يحيى بن عبّاد- قال: فكان ما أراه الله - عز وجل - من ذلك من نِعْمَة الله عليهم، شَجَّعهم بها على عدوهم، وكَفَّ بها عنهم ما تُخُوِّف عليهم من ضعفهم؛ لعلمه بما فيهم، {وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا} أي: ليؤلف بينهم على الحرب للنقمة ممن أراد الانتقام منه، والإنعام على من أراد تمام النعمة عليه من أهل ولايته (¬٥). (ز)
---------------
[٢٨٢٩] علَّق ابنُ عطية (٤/ ٢٠٥) على قول ابن مسعود بقوله: «ويَرِد على هذا المعنى في التقليل ما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سَأَل عما يَنْحَرُون كل يوم، فأُخبر أنهم يومًا عشرًا ويومًا تسعًا، قال: «هم ما بين التسعمائة إلى الألف». فإما أنّ عبد الله ومن جرى مجراه لم يعلم بمقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإما أن نفرض التقليل الذي في الآية تقليل القدْر والمهابة والمنزلة من النجدة».
_________
(¬١) العَرِيش: كل ما يُسْتَظَلُّ به. النهاية (عرش).
(¬٢) خفق فلان: أي: حرَّك رأسه إذا نعس. القاموس المحيط (خفق).
(¬٣) أرسله ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام ١/ ٦٢٦ - ٦٢٧ - .
قال الألباني في تخريج أحاديث فقه السيرة ص ٢٢٧: «إسناده حسن».
(¬٤) أخرجه ابن أبي شيبة ١٤/ ٣٧٤، وابن جرير ٥/ ٢٥١، ١١/ ٢١١، وابن أبي حاتم ٥/ ١٧١٠، وابن مردويه -كما في تخريج الكشاف ٢/ ٣١ - ٣٢ - . وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(¬٥) أخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٧١٠.

الصفحة 108