كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 10)

{ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١١٨)}
٣٣٩٢٣ - عن عبد الله بن عباس، قال: دعا اللهُ إلى توبتِه مَن قال: {أنا ربكم الأعلى} [النازعات: ٢٤]، وقال: {ما علمت لكم من إله غيرى} [القصص: ٣٨]. ومَن آيَسَ العِبادَ مِن التوبة بعد هؤلاء فقد جَحَد كتاب الله، ولكن لا يقدر العبدُ أن يتوب حتى يتوب اللهُ عليه، وهو قوله: {ثم تاب عليهم ليتوبوا} فبَدْءُ التوبة مِن الله - عز وجل - ليتوبوا، {إن الله هو التواب الرحيم} يعني: إن استقاموا (¬١). (٧/ ٥٨٠)

٣٣٩٢٤ - عن الضحاك بن مزاحم: مثل قوله: فبدءُ التوبة ... إلخ (¬٢). (ز)

٣٣٩٢٥ - قال مقاتل بن سليمان: {ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} يعني: تَجاوَز عنهم لكي يتوبوا، {إنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوّابُ} على مَن تاب، {الرَّحِيمُ} بهم (¬٣). (ز)

آثار متعلقة بالآية:
٣٣٩٢٦ - عن كعب بن مالك، قال: لَمّا نزلت توبتي أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقبَّلْتُ يدَه ورُكْبَتَيْه، وكسوتُ المُبَشِّرَ ثوبين (¬٤). (٧/ ٥٧٨)


{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)}
قراءات:
٣٣٩٢٧ - عن عبد الله بن مسعود -من طريق ابنه أبي عبيدة- قال: لا يصلُحُ الكَذِب في جِدٍّ ولا هَزْل، ولا أن يعِدَ أحدُكم صَبِيَّه شيئًا ثم لا يُنجِزه، اقرءوا إن شئتم: (يَآ أيُّها الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وكُونُواْ مِنَ الصّادِقِينَ). قال: وهي في قراءة ابن مسعود هكذا: (مِنَ الصّادِقِينَ). قال: فهل تجدون لأحدٍ رُخْصَةً في الكذب؟! (¬٥) [٣٠٧٩]. (٧/ ٥٨٢)
---------------
[٣٠٧٩] اختُلِف في قراءة قوله: {وكونوا مع الصادقين}؛ فقرأها قوم: (مِنَ الصّادِقِينَ)، ووجهوا معنى الآية إلى أنه صِدْق الحديث. وقرأ آخرون: {مع الصادقين} ووجهوا المعنى إلى أنّه أعم من صدق الحديث، وأنّه بمعنى الصحة في الدين والتَّمَكُّن في الخير.
ورجَّح ابنُ جرير (١٢/ ٧٠) مستندًا إلى رسم المصحف القولَ الثانيَ دون الأول الذي قاله ابن مسعود، فقال: «والصحيح من التأويل في ذلك هو التأويل الذي ذكرناه عن نافع والضحاك [سيأتي في تفسير الآية]، وذلك أنّ رسوم المصاحف كلها مجمعة على: {وكونوا مع الصادقين}، وهي القراءة التي لا أستجيز لأحد القراءة بخلافها، وتأويل عبد الله -رحمة الله عليه- في ذلك على قراءته تأويل صحيح، غير أن القراءة بخلافها». وذكر أنّ قائلي هذا القول وجهوا المعنى إلى ما وجههوه إليه؛ لأنّ كون المنافق مع المؤمنين غير نافِعِه بأي وجوه الكون كان معهم إن لم يكن عامِلًا عَمَلَهم، وإذا عمل عملَهم فهو منهم، وإذا كان منهم كان وجْه الكلام أن يُقال: اتقوا الله وكونوا مع الصادقين.
_________
(¬١) أخرج ابن أبي حاتم ٦/ ١٩٠٥ آخره من طريق علي بن أبي طلحة. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(¬٢) علَّقه ابن أبي حاتم ٦/ ١٩٠٥.
(¬٣) تفسير مقاتل بن سليمان ٢/ ٢٠١ - ٢٠٢.
(¬٤) عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ، وابن مردويه.
(¬٥) أخرجه ابن جرير ١٢/ ٦٩، ٧٠، وابن أبي حاتم ٦/ ١٩٠٦ بهذه القراءة، وأخرجه سعيد بن منصور (١٠٤٧ - ١٠٥٠ - تفسير)، وابن أبي شيبة ٨/ ٤٠٣، والبيهقي في شعب الإيمان (٤٧٨٩، ٤٧٩٠) بقراءة الجمهور. وكذا عزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه. وفي رواية عند ابن ابن جرير ١٢/ ٧٠ مع الشك في أي القراءتين ذكر، لكن عقَّب عليه بقوله: وهو في كتابي: {مع الصادقين}.
وقراءة (مِنَ الصّادِقِينَ) شاذة، تروى أيضًا عن ابن عباس. انظر: البحر المحيط ٥/ ١١٤.

الصفحة 714