كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 10)

تفعلان شيئًا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! فقال أبو بكر: هو -واللهِ- خير. فلم أزل أُراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فقمتُ، فتَتَبَّعْتُ القرآنَ أجمعه مِن الرِّقاع، والأكتاف، والعُسُب، وصدور الرجال، حتى وجدتُ مِن سورة التوبة آيتين معَ خزيمة بن ثابت الأنصارى، لم أجدهما معَ أحدٍ غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} إلى آخرهما، وكانت الصحف التى جُمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفّاه الله، ثم عند عمر حتى توفّاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر (¬١). (٧/ ٦١٠)

٣٤١١٠ - عن عبيد بن عمير الليثي -من طريق عمرو- قال: كان عمرُ لا يُثْبِتُ آيةً فى المصحف حتى يشهد رجلان، فجاء رجلٌ من الأنصار بهاتين الآيتين: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخرها. فقال عمر: لا أسألُك عليها بَيِّنَةً أبدًا؛ كذلك كان رسول الله (¬٢) [٣٠٩٢]. (٧/ ٦١٢)

٣٤١١١ - عن عَبّاد بن عبد الله بن الزبير، قال: أتى الحارثُ بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر براءة: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى قوله: {وهو رب العرش العظيم} إلى عمر، فقال: مَن معك على هذا؟ فقال: لا أدري، واللهِ، إلا أني أشهد لَسَمِعتُها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووعيتها، وحفظتُها. فقال عمر: وأنا أشهدُ لَسَمِعْتها مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لو كانت ثلاثَ آيات لجعلتها سورةً على حِدَةٍ، فانظروا سورةً من القرآن فألحقوهما فيها. فأُلْحِقَت فى آخر براءة (¬٣). (٧/ ٦١٢)
---------------
[٣٠٩٢] علَّق ابنُ عطية (٤/ ٤٤٢) على قول عمر بقوله: «يعني: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي تضمنتها الآية، وهذا -والله أعلم- قاله عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - في مدة أبي بكر حين الجمع الأول، وحينئذ فُقِدت الآيتان، ولم يُجْمَع من القرآن شيء في خلافة عمر».
_________
(¬١) أخرجه أحمد ١/ ٢٢٤ (٥٧)، ١/ ٢٣٨ (٧٦)، ٣٥/ ٥٠٦ (٢١٦٤٤)، والبخاري (٤٦٧٩، ٤٩٨٦، ٤٩٨٩، ٧١٩١، ٧٤٢٥)، والترمذي (٣١٠١)، والنسائي فى الكبرى (٧٩٩٥، ٨٢٨٨)، وابن أبي داود في المصاحف ص ٦ - ٩، وابن حبان (٤٥٠٦، ٤٥٠٧)، والطبراني (٤٩٠١، ٤٩٠٤)، والبيهقي في سننه ٢/ ٤٠ - ٤١. وعزاه السيوطي إلى ابن سعد، وابن جرير، وابن المنذر.
(¬٢) أخرجه ابن جرير ١٢/ ١٠٠. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.
(¬٣) أخرجه أحمد ٣/ ٢٤٠ (١٧١٥)، وابن أبي داود ص ٣٠. وعزاه السيوطي إلى ابن إسحاق.
قال محققو المسند: «إسناده ضعيف». وقال الشيخ أحمد شاكر في شرح المسند ٣/ ١٦٤ (١٧١٥): «وأما حديث عباد بن عبد الله بن الزبير الذي هنا فإنّه حديث منكر شاذٌّ، مخالف للمتواتر المعلوم من الدين بالضرورة أنّ القرآن بَلَّغه رسولُ الله لأمته سورًا معروفة مفصلة، يفصل بين كل سورتين منها بالبسملة، إلا في أول براءة، ليس لعمر ولا لغيره أن يرتب فيه شيئًا، ولا أن يضع آيةً مكان آية، ولا أن يجمع آياتٍ وحدها فيجعلها سورة، ومعاذَ الله أن يجول شيءٌ من هذا في خاطر عمر ... فهذا الحديث ضعيف الإسناد، منكر المتن، وهو أحد الأحاديث التي يلعب بها المستشرقون وعبيدُهم، وعندنا يزعمون أنها تطعن في ثبوت القرآن، ويفترون على أصحاب رسول الله ما يفترون».

الصفحة 751