كتاب البحر المحيط في التفسير (اسم الجزء: 10)

سورة العصر

[سورة العصر (103) : الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَالْجُمْهُورِ، وَمَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَمُقَاتِلٍ. لَمَّا قَالَ فِيمَا قَبْلَهَا: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ «1» ، وَوَقَعَ التَّهْدِيدُ بِتَكْرَارِ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ «2» بَيَّنَ حَالَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ.
وَالْعَصْرِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الدَّهْرُ، يُقَالُ فِيهِ عَصْرٌ وَعِصْرٌ وَعُصْرٌ أَقْسَمَ بِهِ تَعَالَى لِمَا فِي مُرُورِهِ مِنْ أَصْنَافِ الْعَجَائِبِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْعَصْرُ: الْعَشِيُّ، أَقْسَمَ بِهِ كَمَا أَقْسَمَ بِالضُّحَى لِمَا فِيهِمَا مِنْ دَلَائِلِ الْقُدْرَةِ. وَقِيلَ: الْعَصْرُ: الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ، وَمِنْهُ قَوْلِ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
وَلَنْ يَلْبَثَ الْعَصْرَانِ يوم وَلَيْلَةً ... إِذَا طَلَبَا أَنْ يُدْرِكَا مَا تَيَمَّمَا
وَقِيلَ: الْعَصْرُ بُكْرَةٌ، وَالْعَصْرُ عَشِيَّةٌ، وَهُمَا الْأَبْرَدَانِ، فَعَلَى هَذَا وَالْقَوْلِ قَبْلَهُ يَكُونُ الْقَسَمُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْعَصْرُ: الصَّلَاةُ الْوُسْطَى، أَقْسَمَ بِهَا. وَبِهَذَا الْقَوْلِ بَدَأَ الزَّمَخْشَرِيُّ قَالَ: لِفَضْلِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَالصَّلاةِ الْوُسْطى «3» ، صلاة
__________
(1) سورة ألهاكم: 102/ 1.
(2) سورة ألهاكم: 102/ 3- 4.
(3) سورة البقرة: 2/ 238.

الصفحة 538