كتاب البحر المحيط في التفسير (اسم الجزء: 10)

سورة الفلق

[سورة الفلق (113) : الآيات 1 الى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (5)
الْفَلَقُ: فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَتَأْتِي أَقْوَالُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَبَ اللَّيْلُ: أَظْلَمَ وَالشَّمْسُ: غَابَتْ، وَالْعَذَابُ: حَلَّ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَبَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ فَكَأَنَّهُمْ ... لَحِقَتْهُمْ نَارُ السَّمُومِ فَأُحْصِدُوا
النَّفْثُ: شِبْهُ النَّفْخِ دُونَ تَفْلٍ بِرِيقٍ، قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقِيلَ: نَفْخٌ بِرِيقٍ مَعَهُ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وَقَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ: شِبْهُ النَّفْخِ مِنَ الْفَمِ فِي الرقية وَلَا رِيقَ مَعَهُ، فَإِذَا كَانَ بِرِيقٍ فَهُوَ التَّفْلُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
فَإِنْ أَبْرَأْ فَلَمْ أَنْفِثْ عَلَيْهِ ... وَإِنْ يُفْقَدْ فَحَقَّ لَهُ الْفُقُودُ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ، وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ، وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَجَابِرٌ وَرِوَايَةُ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَدَنِيَّةٌ، فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَقَتَادَةَ وَجَمَاعَةٍ.
قِيلَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَسَبَبُ نُزُولِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ قِصَّةُ سَحَرَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ الْيَهُودِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ جُفٌّ، وَالْجُفُّ قِشْرُ الطَّلْعِ فِيهِ مُشَاطَةُ رَأْسِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأَسْنَانُ مُشْطِهِ، وَوَتَرٌ مَعْقُودٌ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً مَغْرُوزٌ بِالْإِبَرِ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ الْمُعَوِّذَتَانِ، فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ،

الصفحة 574