كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

فانظُرِي، فإذا أتاكِ قُرْؤُكِ فلا تُصلِّي، فإذا مرَّ القُرءُ فتَطهَّرِي، ثُمَّ صلِّي ما (¬١) بينَ القُرءِ إلى القُرْءِ" (¬٢).
قال أبو عُمر: لهذا الاختِلافِ ومِثلِهِ عن عُروةَ، واللهُ أعلمُ، ضعَّفَ أهلُ العِلْم بالحديثِ ما عَدا حديثَ هشام بن عُروةَ، وسُليمانَ بن يَسارٍ، من أحادِيثِ الحَيْضِ والاسْتِحاضةِ.
فهذه الأحادِيثُ المرفُوعةُ في هذا البابِ.
وأمّا أقاوِيلُ الصَّحابةِ، والتّابِعِينَ، وسائرِ فُقهاءِ المُسلِمِينَ، فسنوردُ منها ها هنا ما فيه شِفاءٌ واكتِفاءٌ، إن شاءَ الله.
قال أبو عُمر: أمّا قولُهُ في حديثِ مالكٍ في هذا البابِ، عن نافع، عن سُليمانَ بن يَسارٍ، عن أُمِّ سلمةَ: أنَّ امرأةً كانت تُهراقُ الدِّماءَ على عَهدِ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-.
فمعناهُ عندَ جميع العُلماءِ: أنَّها كانتِ امرأةً لا يَنْقطِعُ دمُها، ولا تَرى منهُ طُهرًا ولا نقاءً، وقد زادَها ذلك على أيامِها المعرُوفةِ لها، وتمادَى بها، فسألَتْ عن ذلك، لتعلَمَ هل حُكمُ ذلك الدَّم، كحُكم دم الحيضِ، أو هل هُو حيضٌ، أو غيرُ حيضٍ؟ فأجابَها رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بجَوابٍ مَنَعها به من الصَّلاةِ في أيام حَيْضتِها، فبانَ بذلك أنَّ الحائضَ لا تُصلِّي، وهو إجماعٌ. وأمَرَها -صلى الله عليه وسلم- أن تغتسِلَ وتُصلِّي، إذا خلَّفت ذلك.
---------------
(¬١) هذا الحرف سقط من م.
(¬٢) أخرجه أحمد في مسنده ٤٥/ ٣٥٠ (٢٧٣٦٠)، وأبو داود (٢٨٠)، والنسائي في المجتبى ١/ ١٢١، ١٨٣، وفي الكبرى ١/ ١٥٨، و ٥/ ٣١٨ (٢١٤، ٥٧١٦)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٧/ ١٦٠ (٢٧٣٦، ٢٧٣٧)، والبيهقي في الكبرى ١/ ٣٣١ - ٣٣٢، من طريق الليث، به. وانظر: المسند الجامع ٢٠/ ٤٦٣ (١٧٣٩٤).

الصفحة 102