كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

وكذلك ما كان أقلَّ من يوم أو يوم (¬١) وليلةٍ عندَ الشّافعيِّ، فهُو استِحاضةٌ، وما زادَ على خمسةَ عشَر يومًا، فمِثلُ ذلك.
وكذلك ما نقصَ عن أقلِّ الطُّهرِ، فهُو استِحاضةٌ عندَ أكثرِهِم.
وأمّا اختِلافُهُم في أقلِّ الطُّهرِ (¬٢)، فإنَّ مالكًا وأصحابَهُ اضطربُوا في ذلك، فرُوِي عنِ ابنِ القاسم: عشَرةُ أيام. ورُوِي عنهُ: ثمانِيةُ أيام. وهُو قولُ سحنُونٍ.
وقال عبدُ الملكِ بن الماجِشُونِ: أقلُّ الطُّهرِ خمسةُ أيام، ورواهُ عن مالكٍ.
وقال محمدُ بن مسلمةَ: أقلُّ الطُّهرِ خمسةَ عشَر يومًا. وهُو قولُ أبي حنِيفةَ، والثَّورِيِّ، والشّافعيِّ.
قال الشّافعيُّ (¬٣): إلّا أن يُعلَمَ طُهرُ امرأةٍ أقلَّ من خَمْسةَ عشَرَ، فيكونَ القولُ قولَها.
وحكَى ابنُ أبي عِمرانَ، عن يحيى بن أكثمَ: أنَّ أقلَّ الطُّهرِ تِسعةَ عشَرَ. واحتجَّ بأنَّ اللهَ تعالى جعلَ عِدْلَ كلِّ حيضةٍ وطُهرٍ شهرًا، والحيضُ في العادةِ أقلُّ من الطُّهرِ، فلم يجُز أن يكونَ الحيضُ خمسةَ عشَرَ يومًا، ووجبَ أن يكون عَشَرةٌ حيضًا، وباقِي الشَّهرِ طُهرًا، وهُو تِسعةَ عشَرَ؛ لأنَّ الشَّهرَ قد يكونُ تِسعةً وعِشرِينَ.
وقولُ أحمدَ بن حَنْبل وإسحاقَ وأبي ثَوْرٍ وأبي عُبيدٍ والطَّبرِيِّ في أقلِّ الحَيْضِ وأكثرِهِ، كقولِ الشّافعيِّ.
وأمّا أقلُّ الطُّهرِ، فقال أحمدُ وإسحاقُ: لا تحدِيدَ في ذلك. وأنكرا على من وقَّتَ في ذلك خمسةَ عشَرَ يومًا، وقالا: باطِلٌ.
---------------
(¬١) قوله: "أو يوم" سقط من الأصل.
(¬٢) انظر: الأم للشافعي ١/ ٨٣، والأوسط لابن المنذر ٢/ ٣٨٢، والإشراف له ٥/ ٣٨٠ - ٣٨١، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٦٩. وانظر فيها أيضًا ما بعده.
(¬٣) انظر: الأم ٥/ ٢١٠.

الصفحة 109