كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

قال أحمدُ بن المُعذَّل: واختلفَ قولُ أصحابِهِ في علل (¬١) الحَيْضِ وانقِطاعِهِ وعودتِهِ، اختِلافًا يدُلُّكَ على أنَّهُم لم يأخُذُوهُ عن أثَرٍ قوِيٍّ، ولا إجماع.
قال: واختلَفَ أيضًا قولُ مالكٍ وأصحابِهِ في عللِ (¬٢) الحَيْضِ، رَجَع فيها من قولٍ إلى قولٍ، وثبتَ هُو وأهلُ بلدِهِ على أصْلِ قولِهِم في الحيضِ: أنَّهُ خمسَ عشْرةَ.
قال: وإنَّما ذكرتُ لك (¬٣) اختِلافَ أمرِ الحيضِ، واختِلاطَهُ على العُلماءِ، لتعلمَ أنَّهُ أمرٌ أُخِذَ أكثرُهُ بالاجتِهادِ، فلا يكونُ عِندكَ سُنّةً قولُ أحدٍ من المُختلِفِينَ، فيضيقُ على النّاسِ خِلافُهم.
قال أبو عُمر: قدِ احتجَّ الطَّحاوِيُّ (¬٤) لمذهبِ الكُوفيِّين في تحدِيدِ الثَّلاثِ، والعشر، في أقلِّ الحيضِ وأكثرِهِ، بحديثِ أُمِّ سَلَمةَ، إذ سألَتْ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عنِ المرأةِ التي كانت تُهراقُ الدَّمَ، فقال: "لتنظُرْ عددَ اللَّيالي والأيام التي كانت تحِيضُهُنَّ منَ الشَّهرِ، فلتَتْرُكْ قدرَ ذلك من الشَّهرِ، ثُمَّ تغتسِلُ، وتُصلِّي" (¬٥). قال: فأجابَها بذِكرِ عَددِ الأيام واللَّيالي، من غيرِ مسألةٍ، لها عن مِقدارِ حَيْضِها قبلَ ذلك. قال: وأكثرُ ما يَتناولُهُ أيامٌ عشَرةٌ، وأقلُّهُ ثلاثةٌ.
قال أبو عُمر: ليسَ هذا عِندِي حُجّةً تمنعُ من (¬٦) أن يكونَ الحيضُ أقلَّ من ثلاثٍ؛ لأَنَّهُ كلامٌ خَرجَ في امْرأةٍ قد عُلِمَ أنَّ حَيْضها أيامٌ، فخرَجَ جَوابُه (¬٧) على
---------------
(¬١) في م: "عدد".
(¬٢) كذلك.
(¬٣) شبه الجملة "لك" لم يرد في د ٤.
(¬٤) مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٦٥ (٨٦).
(¬٥) سلف بإسناده في هذا الباب، وانظر تخريجه في موضعه.
(¬٦) هذا الحرف سقط من ف ٣.
(¬٧) هذه الكلمة سقطت من ف ٣، وفي م: "جوابها".

الصفحة 117